آدم وحواء (3)

ثانياً: خطايا عديدة لأبوينا الأولين

• العصيان أو المخالفة

الوصية كانت واضحة (تك 2: 16، 17)، وقد سمعها آدم بنفسه من فم الله. وكانت تحفظها حواء (تك 3: 2). ومع ذلك خالفاها.

• المعاشرات الرديئة

بدأت سلسلة الخطايا التى وقع فيها آدم وحواء بخطية “المعاشرات الرديئة التى تفسد الأخلاق الجيدة” (1كو 15: 33)، فجلست أمنا حواء مع الحية. وحتى إن كانت أمنا حواء، بنقاوة قلبها وبساطتها، لا تدرك ما فى الحية من خبث، فإنه كان يجب عليها أن تنتبه، حينما أخذت الحية تكشف أوراقها، وتقول كلاماً عكس ما قاله الله نفسه لهما.

• خطية الشك

قالت الحية فى خبث “لن تموتا، بل الله عالم إنكما يوم تأكلان تتفتح أعينكما، تكونان مثل الله عارفين الخير والشر”. هذا هو الشك الذى ألقته الحية فى نفس حواء، الشك فى صدق كلام الله، والشك فى حب الله للبشر، بل الشك أيضاً فى إنذار الله لهما بالموت. فهما – حسب كلام الحية – لن يموتا، بل ستتحسن أحوالهما.

• خطية الانقياد

انقادت – وهى صورة الله ومثاله – إلى الحية ومشورتها. ونفس هذا الانقياد الخاطئ، الذى وقعت فيها حواء، حدث بالنسبة إلى أبينا آدم من جهة امرأته.

• ضعف الإيمان

الله يقول عن ثمر الشجرة “لا تأكلا منه لئلا تموتا” والحية تقول “لن تموتا” والمرأة تقبل كلام الحية، إذن فهذا ضعف إيمان بالله وبكلمته وبإنذاره. بل هو عدم إيمان بصدق الله.

• الاستهانة وعدم مخافة الرب

بدأت تستهين بحكم الله وبتهديده وعقوبته، ولم تخف إطلاقاً من أن تمد يدها وتأخذ، كما لو كانت عبارة “موتاً تموتاً” لا تهز لها جفناً، و لا تحرك ضميرها أو قلبها.

• خطية الشهوة

نظرت المرأة إلى الشجرة، فإذ هى “جيدة للأكل، وبهجة للعيون، و أن الشجرة شهية للنظر” فاشتهتها. كانت شجرة معرفة الخير والشر فى وسط الجنة، وربما كانت حواء تمر عليها كل يوم وتراها. وكانت نظرتها إليها بسيطة، لا تحمل شهوة، أما ألان فبدأت تنظر إليها بشهوة.

• خطية الكبرياء

“تصيران مثل الله” أو تصيران إلهين..!! إن كان الأمر هكذا، فلماذا نرضى ونكتفى بالمستوى البشرى؟ واستطاعت هذه الكبرياء أن تحطمها، كما حطمت الشيطان من قبل.

وكما قال أحد القديسين: إن حواء اشتهت مجد الألوهية، ففقدت ما كان لها من مجد البشرية.

• المعرفة المخربة

“تصيران مثل الله، عارفين الخير والشر” “تنفتح أعينكما”.. لقد قدم الشيطان للإنسان هذا الإغراء، إغراء المعرفة.. ولكن أى معرفة؟ فقد وهبهما الله فضل معرفته، وجعلهما يعرفان الخير والبر ويذوقان ما فى هذه المعرفة من لذة! وهنا يقول الحكيم عن هذه المعرفة المؤذية ” وَالَّذِي يَزِيدُ عِلْماً يَزِيدُ حُزْناً” (جا 1: 18).

• طلب المعرفة من غير الله

كان الله هو المعلم الأول والوحيد للإنسان، يعطيه من المعرفة ما يفيده وما يبقى على نقاوته. ثم بدأ الإنسان يتخذ له مرشداً غير الله، يشير عليه بما يفعل، ويعطيه معرفة أخرى. وكان هذا المرشد للأسف، هو الشيطان الذى دخل الحية، وأرشد الإنسان إلى ما فيه هلاكه.

• حفظ الوصية عقلاً لا عملاً

كانت حواء تحفظ الوصية حفظاً عقلياً! لذلك عندما سألتها الحية “أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟” صححت لها حواء منطوق الآية، فقالت للحية “من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة، فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا”.

والعجيب أنها فى نفس الوقت الذى ذكرت فيه الوصية بهذه الدقة العجيبة، عادت وكسرت الوصية، ومدت يدها وقطفت وأكلت. لقد حفظت الوصية عقلاً لا عملاً.

إنها تذكرنا بالشاب الغنى الذى كان يحفظ الوصايا، وقال عنها للسيد الرب “هذه كلها حفظتها منذ حداثتى” (مت 19: 20). وفى نفس الوقت مضى حزيناً، لأنه كان يعبد إلهاً آخر هو المال، بينما تقول الوصية الأولى “لا تكن لك آلهة أخرى أمامى” (خر 20: 3).

• الانحدار إلى المستوى الجسدانى

اعتبر البعض أن الوصية الأولى التى أعطيت للإنسان، كانت وصية صوم، تشبه صومنا فى هذه الأيام، نأكل من الكل ماعدا نوع واحد وهو الأطعمة الحيوانية. كذلك أعطى آدم وحواء أن يأكلا من الكل ماعدا شجرة واحدة. ولكن آدم وحواء كسرا هذا الصوم، وأكلا من هذا الصنف المحرم. وبالأكل سقطا من المستوى الروحى إلى المستوى الجسدى.

• عدم القناعة

الله أعطى أبوينا الأولين أن يأكلا من كل شجر الجنة، ماعدا واحدة. ولا شك أنه كانت توجد أثمار كثيرة جداً فى الجنة، بل كان فيها كل أنواع الثمر. ولكن هذا كله لم يقتنع به آدم وحواء ولم يكفيهما، بل أرادا الأكل من هذا النوع الواحد الناقص. وهذا يدل على عدم القناعة.

ولذلك قال سليمان الحكيم “العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع” و”كل الأنهار تجرى إلى البحر، والبحر ليس بملآن” (جا 1: 7، 8)

• إعثار الآخرين

فالكتاب يقول عن حواء إنها “أكلت، وأعطت رجلها أيضاً” لم تفعل الخطأ فقط بل كانت عثرة لآدم أيضاً.

• محاولة تغطية نتائج الخطية

لما أكلا “انفتحت أعينهما، وعلما آنها عريانان”، إذ فقدا نقاوتهما. وبدلاً من معالجة الخطية والتخلص منها، و الرجوع إلى النقاوة الأولى، قاما بتغطية الخطية بأوراق التين. وهكذا تغطى آدم وحواء، ولكن بقى القلب من الداخل غير سليم.

• الهروب من الله

“سمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة، عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الله فى وسط شجر الجنة” (تك 3: 8). أصبح هناك تباعد بينهما وبين الله، وجدت هوة فاصلة، لم يعودا يفرحان بالوجود فى حضرة الرب. فحالما سمعا صوته مقبلاً، هربا من وجهة واختفيا.

• الخروج من محبة الله

الرب يقول “الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني” (يو 14: 21) إذن كسر الوصية ضد المحبة.

* ورغبة آدم وحواء فى أن يصيرا ” مثل الله ” حسب إغراء الحية، كان عملاً آخر ضد محبتهما لله.

* وتصديق كلام الحية، عكس كلام الله، كان أيضاً عملاً ضد محبة أبوينا الأولين لله.

* وفى مناقشتهما مع الله، كانت الطريقة لا تتفق والمحبة.

* وهروبهما من وجه الله، واختباؤهما، كان عملاً رابعاً منهما ضد محبة الله.

• عدم السعى إلى الخلاص

إنهما إنسانان قد كسرا وصية الله، وأصبح محكوماً عليهما بالموت. فماذا فعلا للتخلص من حكم الموت هذا؟ هل سعيا إلى الخلاص؟ هل بذلا جهدهما لكى يصطلحا مع الله ولكى يعودا إلى علاقة الحب الأولى؟ كلا.

لقد شل الخوف تفكيرهما، فلم يقوما بأى عمل من أجل نفسيهما الهالكتين، إنما أسرعا بالاختفاء من وجه الله.

• الجهل بالله وقدرته

إلى أين يهربا من وجه الرب؟ وأين يختفيان؟ لقد كان حفيدهما داود أكثر معرفة بالله حينما قال: “أين أذهب من وجهك؟ ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت فى هاوية فها أنت.. ” (مز 139: 7، 8).

هل يخفيهما الشجر عن عين الله الفاحصة الخفيات والظاهرات؟ أم أنهما جهلا قدرة الله على كل شيء.

حقاً إن الإنسان لما أكل من شجرة المعرفة صار جاهلاً، لقد وعده الشيطان وعداً زائفاً لم يبر به.

• عدم إدانة النفس

إن كان هذا الإنسان قد أكل من شجرة المعرفة، وعرف الخير والشر، فعلى الأقل أصبح يعرف أنه قد أخطأ. ولكن كلمة “أخطأت” لم يقلها آدم أو حواء إطلاقاً، ولم يعترف أى أحد منهما بخطاياه.

• محاولة تبرير النفس

كل منهما حاول أن يبرر نفسه وأن يوجد لنفسه عذراً يغطى به خطيته، أو على الأقل يقلل من الجرم الذى وقع فيه. ولكن لم يقبل الله شيئاً من تبريراتهما وأعذارهما، لأن الخطية واضحة.

• إلقاء التبعية على الآخرين

آدم يلقى التبعة على حواء “المرأة أعطتنى فأكلت” وحواء تلقى التبعة على الحية فتقول “الحية غرتنى فأكلت”. ولا يلقى أحد منهما باللوم على نفسه.

• ضد محبة القريب

كما كسر آدم محبته لله، كسر أيضاً محبته للقريب (حواء). اتهمها أمام الله، وحملها تبعة سقوطه فى الخطية.

• الاختفاء وراء امرأة

ما كان يليق بأبينا آدم – الرجل الأول فى البشرية أن يختفى وراء امرأة لكى ينجو! يقدمها للاتهام، ويحملها المسئولية، لكى يتبرر هو! الأمر المثالى، أن يتحمل أخطاءها، وينسبها لنفسه، كمسئول، وينجيها من العقوبة، ويتصدر الموقف ويتركها تختفى وراءه. ويحمل خطاياها، كما حمل السيد المسيح خطايا عروسه الكنيسة.. لكن آدم فعل العكس.

• عدم اللياقة فى الحديث

وفى دفاع آدم عن نفسه باللقاء التبعة على المرأة، فقد اللياقة اللازمة فى التحدث مع الله نفسه..! فلم يكتف بقولة “المرأة أعطتنى فأكلت” وإنما قال لله: “المرأة التى جعلتها معى، هى أعطتنى” كأنه بهذا يشرك الله فى المسئولية، أو يجعل الله السبب فى سقوطه، أنه أعطاه المرأة التى أعطته الثمرة..!

 

Share

Permanent link to this article: https://stmina.info/%d8%a2%d8%af%d9%85-%d9%88%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%a1-3/