آدم وحواء (2)

أولاً: بهاؤهما الأول

• كانا مخلوقين، غير مولودين، لم يرثا فساداً من طبيعة سابقة.

• خلقهما الله على صورته ومثاله. وفى ذلك يسجل سفر التكوين ” وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا.. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم” (تك 1: 26، 27).

وما أكثر تأملات الآباء القديسين وتفسيراتهم، الخاصة بخلق أبوينا الأولين على صورة الله..

• قيل إن الله خلقهما على صورته في البر والقداسة، في وضع فائق للطبيعة.. وهكذا كان كلاهما باراً بلا خطية حينما خلقهما الله متسربلين بالقداسة.

• وقيل على صورته في الجمال والبهاء والمجد، أى أعطاهما قبساً من بهائه، فكانا في منتهى الجمال، جسدا ونفسا وروحا.

• وقيل إن الله خلق الإنسان على صورته في الخلود، إذ وهب لهما نفساً خالدة، نفخها في أنف آدم، نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية (تك 2: 7).

• وقيل إن الله خلقهما على صورته في حرية الإرادة.

• وقيل أيضاً إن الإنسان خلق على صورة الله في التثليث والتوحيد: ذاتاً، لها عقل ناطق، ولها روح. والذات والعقل والروح كائن واحد: كالذات الإلهية، لها عقل، ولها روح، والثلاثة كائن واحد.. إنما الله غير محدود في كل شيء، والإنسان محدود.

• وقيل إن الله خلقهما على صورته في الملك والسلطة. فكانا ملكين على الأرض، وممثلاً للخليقة الأرضية كلها.

• وقيل إن الله كان يعرف مسبقاً بسقوط الإنسان، وبأنه سيخلى ذاته ويتجسد لكى يخلصه. فخلق هذا الإنسان على الصورة التي كان الله مزمعاً أن يتجسد بها، على شبهه ومثاله.

• وكان آدم وحواء يتصفان بالبساطة والبراءة، ما كانا يعرفان الشر إطلاقاً. كانا يعرفان الخير فقط، ولا شيء سوى الخير. لذلك لم يفكرا وقت التجربة أن الحية يمكن أن تخدع وأن تكذب. فعبارات الكذب والخداع لم تكن موجودة فى قاموسهما في ذلك الحين.

• وقد باركهما الله معاً، بنفس البركة، وأعطاهما سلطاناً على الأرض كلها بجميع كائناتها. “وقال الله نعمل الإنسان كصورتنا، فيتسلطون على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى الدبابات التي تدب على الأرض” (تك 1: 28). وهكذا عاش الاثنان، ولهما هيبة وسلطة، على الأرض ومخلوقاتها. وآدم هو الذي سمى كل الحيوانات وكل ذوات الأنفس بأسمائها “وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية، فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء، وجميع حيوانات البرية” (تك 2: 19، 20).

• خلق آدم وحواء بعد أن أعد الله لهما كل شيء. خلقهما فى اليوم السادس، كقمة لمخلوقاته كلها. وخلقهما بعد أن خلق من أجلهما كل شيء كما فى القداس الغريغورى. من أجلهما أعد السماء لهما سقفاً، ومهد لهما الأرض كى يمشيا عليها. رتب لهما قوانين الفلك، ووضع لهما الشمس لضياء النهار، القمر لإضاءة الليل. ونظم لهما الطبيعة وأجواءها، وخلق لهما النبات لطعامهما، والحيوانات لخدمتهما. وأخيراً خلقهما، ليتمتعا بهذه الطبيعة كلها.

• كان آدم وحواء سعيدين، يعيشان فى الجنة فى عِشرة الله. لعل السبب الأول فى سعادتهما، أنهما كانا يحيان فى عشرة الله.. الله كان يظهر لهما، وكان يكلمهما، ويباركهما، ويعلمهما بنفسه ويقدم لهما الوصايا النافعة لهما. كانت لهما علاقة مباشرة مع الله، لم يكن هناك ما ينقصهما، ولم يكن هناك ما يعكر صفوهما، كان كل شيء حولهما جميلاً وعاشا فى اليوم السابع، اليوم الذى قدسه الرب، واتخذه للراحة، له ولهما.

• عاش آدم وحواء فى الجنة نباتيين. حيث أن أكل اللحوم لم يسمح به الله إلا فى أيام نوح، بعد خروجه وأسرته من الفلك، أما ما قبل فلك نوح، فلم يكن مصرحاً بغير النبات.. وهذا ما يذكر سفر التكوين: لما خلق الله آدم و حواء، سمح لهما بأكل الفاكهة والبقول، أى ثمار الأشجار، وذلك بقوله “إنى قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذراً على وجه كل الأرض، وكل شجر فيه ثمر شجر يبذر بذراً، لكم يكون طعاماً”. “ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً، وكان كذلك”. (تك 1: 29، 30)

 

Share

Permanent link to this article: https://stmina.info/%d8%a2%d8%af%d9%85-%d9%88%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%a1-2/