ميلاده ونشأته:
ولد هذا القديس في بيئة كلها تعب ومشقة، لا توحي بأن هذا الطفل سيحيا حياة روحية بل لا توحي بأنه سيحيا علي الإطلاق فقد ولد فى وقت كان المصريون يستعبدون بنى إسرائيل بعنف (خر 1: 13) وكان هناك أمر من فرعون بقتل المواليد الذكور من بنى إسرائيل (خر 1: 22). ولذلك عندما ولد خبأته أمه ثلاثة أشهر ثم اضطرت أن تصنع له سفطاً من البردي وطلته بالحمر والزفت ووضعت موسى فيه ووضعت السفط بين الحلفاء على حافة النهر وجعلت أخته تراقبه. ولكن اللـه يرسل ابنة فرعون الى النهر فتراه وترق له وتتخذه لها ابناً.
وهكذا تدخلت عناية اللـه ليس فقط لحفظ الصبى ولكن لتأهيله لرسالته فى المستقبل فتربيته كأمير فى قصر فرعون جعلته يتهذب بكل حكمة المصريين (عب 7: 22) كما جعلت له الحق فى الدخول بحرية إلى القصر.
بدء رسالته وإعداده:
تربي موسى في قصر ملك، في جو من الرفاهية و العز و الغني… علي عكس الحياة التي عاشها أخوته في ذلك الزمن. ولكن لما كبر – كان عمره وقتئذ أربعون سنة – يقول عنه بولس الرسول “أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية ( ) ” (عب 11: 24،25).
خرج موسى إلى إخوته لينظر في أثقالهم “فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل” (خر 2: 11،12) وظن أن إخوته يفهمون أن الله على يده يعطيهم نجاة وأما هم فلم يفهموا (أع 7: 25) بل رفضوه فعندما خرج في اليوم الثاني ورأى رجلان عبرانيان يتخاصمان فقال للمذنب: “لماذا تضرب صاحبك؟” رفض هذا الشخص كلامه وقال له “من جعلك رئيسا وقاضيا علينا؟ أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟”. (خر 2: 13،14).
هروبه إلى أرض مديان ( ) :
سمع فرعون بما حدث من موسى وطلب أن يقتله (خر 2: 12) فاضطر موسى أن يهرب من مصر إلى أرض مديان وجلس عند البئر. وهناك يتكرر نفس الموقف، بنات كاهن مديان السبعة أتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن فأتى الرعاة وطردوهن فنهض موسى وأنجدهن واستقى لهن أيضا وسقى الغنم وعندما عدن بسرعة إلى أبيهن وعرف منهم ما حدث أرسل ودعى موسى للطعام ثم أقام موسى عنده وتزوج ابنته صفورة ( ) التى ولدت له ابنا أسماه جرشوم ( ) .
ظهور الرب له ودعوته:
قضى موسى أربعين سنة فى أرض مديان يرعى غنم حميه، واستخدم اللـه هذه الفترة لتهيئة موسى لرسالته وخدمته التى سيرسله فيها فاختفي موسى الأمير ساكن القصر، وظهر موسى الراعي رجل وعندما ظهر له اللـه فى العليقة المشتعلة وقال له “فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر” (خر 3: 10) قدم موسى الأعذار الواحد تلو الآخر إلى أن استسلم فى النهاية. (خر 3: 11- 4: 17).
• تحول من موسى الذي يندفع إلي العمل بلا دعوة. إلي موسى الذي يدعوه الله، فيستعفي من الدعوة.
• تحول من موسى الواثق بقدراته. إلي موسى الذي يقول “من أنا ؟”
• تحول موسى من الإنسان الذي يستخدم العنف و القتل، إلي إنسان حليم جداً … لقد تحول من إنسان يغضب ويقتل، إلي إنسان يهدئ غضب الله !!
• تحول من موسى الذي تهذب بكل حكمة المصريين، إلي موسى الذي يقول أنا ثقيل الفم واللسان. بدأ يشعر بضعفه، وأنه ليس أهلاً للمسئولية. وصار هذا الشعور هو أكبر مؤهلاته لأنه جعله يشعر بأنه محتاج إلي قوة الله لتعمل فيه، وتعمل به.
موسى وفرعون:
عاد موسى إلى مصر وتكلم مع بنى لإسرائيل ففرحوا أن اللـه افتقدهم (خر 4: 31) ثم دخل إلى فرعون هو وهرون أخيه وطلبوا منه أن يطلق بنى إسرائيل حسب أمر الرب ولكن تقسى قلب فرعون وازداد فى قسوته على بنى إسرائيل مما يجعلهم يتذمرون على موسى. (خر 5: 21)
وتدخل اللـه وبدأ فى إرسال الضربات على فرعون والمصريين حتى اكتملت عشر ضربات، بعدها أطلق فرعون بنى إسرائيل من مصر. (خر7: 8 – 12: 33) ثم عاد وندم فخرج ورائهم بستمائة مركبة ولكن اللـه يتدخل ويشق البحر الأحمر ليعبر بنى إسرائيل والأمر الذى لما شرع فيه المصريون غرقوا. (خر 14)
1 – تحويل ماء النهر إلي دم. (خر 7: 19 )
2 – ضربة الضفادع. ( خر 8: 5)
3 – ضربة البعوض. ( خر 8: 16 ) .
4 – ضربة الذبان. ( خر 8: 21 – 24 )
5 – وبأ المواشى. ( خر 9 : 3 – 6 ) .
6 – ضربة الدمامل. ( خر 9 : 8 )
7 – ضربة البرد. ( خر 10 :13)
8 – ضربة الجراد. ( خر 10 : 13 )
9 – ضربة الظلام. ( خر 10 : 22 )
10 – ضربة الأبكار. ( خر 12: 29)
وقد أدرك المصريون ان الضربات أحداث غير طبيعية :
• لشدة الضربات وتوقيتها ومدتها.
• تجلى مصدرها الإلهى فى تزايد شدتها.
• حدوثها فى الوقت وعلى الصورة كما أنبأ موسى وهرون، وزوالها أيضا بناء على صلاة موسى وفى الوقت الذى حدده.
• عدم امتدادها إلى أرض جاسان حيث يقيم بنى إسرائيل.
كما أثبتت هذه الضربات عجز آلهة المصريين وعدم نفعها، أو بالحرى ثبت أنها بطل وأوهام لا وجود لها فى الحقيقة، لأنها لم تستطع أن تحمى نفسها من سطوة الإله القدير الحي الحقيقى (خر 7: 5 و 17، 8: 19، 9: 27 ).
أما بالنسبة لبنى إسرائيل فقد أدركوا أن اللـه هو:
• الإله القدير الحافظ العهد. (تك 15: 13 و خر 12: 40)
• كل الأشياء تتم بحسب إرادته. (خر 6: 6-9 و 12: 31-42)
وبخروج موسى وبنى إسرائيل من مصر يكون اللـه أنقذ موسى من ثلاث فراعنة:
• فرعون الذي أراد قتله وهو طفل (خر 1: 15، 16).
• فرعون الذي أراد قتله عندما قتل المصرى (خر 2: 15).
• فرعون البحر الأحمر (خر 15: 19).
موسى فى البرية:
قضى موسى مع بنى إسرائيل فى البرية أربعون سنة كانت مليئة بالأحداث والتى ذكرت فى أربعة اسفار من الكتاب المقدس، ولكن ممكن تلخيص أهم احداثها فى النقاط التالية:
• في برية سين، تذمر الشعب بسبب الطعام فأعطاهم الرب المن والسلوى. (خر 16)
• في رفيديم، تذمر الشعب بسبب الماء فأخرج لهم الرب ماء من الصخرة. (خر 17: 1-7)
• الحرب مع عماليق وانتصار بنى إسرائيل. (خر 17: 8-16)
• اللـه يترائى لبنى إسرائيل على جبل سيناء وسط سحاب وبروق ورعود. (خر 19)
• اللـه يعطى موسى بعض الشرائع. (خر 20 – 23)
• موسى على الجبل مع اللـه أربعين يوما ليأخذ لوحى الشريعة. (خر 24-31)
• العجل الذهبى وشفاعة موسى عن بنى إسرائيل. (خر 32)
• موسى على الجبل مع اللـه أربعين يوما ثانية. (خر 34)
• صنع خيمة الاجتماع (الشهادة) وإقامتها وتكريسها . (خر 35-40)
• التجسس على كنعان وإشاعة الخوف والتذمر بين الشعب وعقاب الله لهم بتيههم فى البرية أربعون سنة. (عد 13-14)
• اللـه يعاقب موسى وهارون بعدم دخولهم أرض كنعان من أجل أنهما لم يؤمنا به حتى يقدساه أمام أعين بني إسرائيل عند صخرة ماء مريبة. (عد 20: 12-13)
• الانتصار على ملك عراد، سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان. (عد 21)
• زنى بنى إسرائيل مع بنات مؤاب وانتشار الوباء بينهم. (عد 25)
• الانتصار على المديانيين. (عد 31)
• إعطاء الأرض شرق الأردن لسبطى جاد ورأوبين ونصف سبط منسى. (عد 32)
• صعود موسى إلى جبل نبو حيث أراه الرب جميع الأرض التى أقسم لإبراهيم واسحق ويعقوب أن يعطيها لنسلهم. وموته على الجبل. (تث 34: 1-6)
موسى شخصية فريدة فى التاريخ:
إن موسى النبى شخصية فريدة فى الكتاب المقدس. من عدة نواحى:
• قيل عنه أنه كان رجلاً حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض (عد 12: 3) إلا أنه مر ببعض المواقف القليلة التى جعلته يغضب مثل:
• عندما نزل من الجبل ووجد بنى اسرائيل يعبدون العجل الذهبى غضب جداً وكسر لوحى الشريعة. (خر 32: 19)
• عندما احترق تيس الخطية سخط على ألعازار وإيثامار ابني هارون. (لا 10: 16)
• غضب على قورح وداثان وأبيرام بسبب مقاومتهم. (عد 16: 15).
• قال عنه الرب ” فما إلى فم وعيانا أتكلم معه لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين” (عد 12: 8)
• تكررت جملة “كلم الرب موسى” 104 مرة فى الكتاب المقدس وهو ما لم يحدث مع أى شخص آخر فى كل الكتاب المقدس.
رموز للسيد المسيح فى أسفار موسى الخمسة:
أسفار موسى الخمسة (التكوين، الخروج، اللاويين، العدد والتثنية) مليئة برموز وإشارات عن السيد المسيح لعل من أشهرها:
• الوعد بالفداء. (تك 3: 15)
• ملكى صادق. (تك 14: 18-20)
• ذبح إسحاق. (تك 22: 1-19)
• يعقوب يبارك ابنى يوسف واضعاً يديه عليهما على صورة الصليب. (تك 48: 13-16)
• خروف الفصح. (خر 12)
• الخروج من مصر. (خر 13: 17-22)
• عبور البحر الأحمر. (خر 14: 21-29)
• الذبائح بأنواعها. (لا 1-7)
• الحية النحاسية. (عد 21: 4-9)
• الصخرة التى أنبعت ماء (خر 17: 1-7، عد 20: 8-11) والتى يقول عنها بولس الرسول “لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح” (1كو 10: 4)
أسفار موسى فى القراءات الكنسية:
فى أثناء الصوم الكبير وفى أسبوع الآلام تقوم الكنيسة بتهيئة عقول المؤمنين للصليب والقيامة ولذلك تقوم بقراءة أجزاء كبيرة من العهد القديم خاصة تلك التى فيها إشارة للسيد المسيح وذبيحة الصليب وذلك فى رفع بخور باكر فى أيام الصوم الكبير وساعات أسبوع الآلام.
فمن حوالى 115 فصل من العهد القديم تقرأ أيام الصوم المقدس عشرون منهم من أسفار موسى الخمسة وهى:
التكوين (6 فصول)
تك 22 : 1 – 18
تك 27 : 1 – 41
تك 28 : 10 – 22
تك 32 : 1 – 30
تك 49 : 33 – 50 : 26
تك 49 : 1 – 28
الخروج (7 فصول)
خر 2 : 11 – 20
خر 2 : 23 – 3 : 5
خر 3 : 6 – 14
خر4 : 19 – 6 : 13
خر7 : 14 – 8 : 18
خر 8 : 20 – 9 : 35
خر 10 : 1 – 11 : 10
العدد (فصل واحد)
عد 10 : 35 – 11 : 34
التثنية (6 فصول)
تث 5 : 15 – 22
تث 6 : 3 – 7 : 26
تث 8 : 1 – 9 : 4
تث 9 : 7 – 10 : 11
تث 10 : 12 – 11 : 28
تث 11 : 29 – 12 : 27
أما فى أسبوع الآلام فيقرأ 23 فصلاً هم:
التكوين (8 فصول)
تك 1 : 1 – 2 : 4
تك 2 : 15 – 3 : 24
تك 6 : 5 – 9 : 6
تك 14 : 17 – 20
تك 18 : 1 – 23
تك 22 : 1 – 19
تك 24 : 1 – 9
تك 48 : 1 – 19
الخروج (10 فصول)
خر 12 : 1 – 14
خر 13 : 17 – 22
خر 14 : 13 – 15 : 1
خر 14 : 29 – 15 : 1
خر 15 : 23 – 16 : 3
خر 17 : 1 – 7
خر 17 : 8 – 16
خر 19 : 1 – 9
خر 32 : 7 – 15
خر 32 : 30 – 33 : 5
لاويين (فصل واحد)
لا 23 : 5 – 11
العدد (فصلين)
عد 20 : 1 – 13
عد 21 : 1 – 9
التثنية (فصلين)
تث 8 : 11 – 20
تث 8 : 19 – 9 : 24
( 1) يفسر قداسة البابا شنوده قول القديس بولس الرسول “تمتع وقتى بالخطية” هى أن يعيش موسى النبى في عز ورفاهية فى قصر فرعون، ويترك إخوته مذلولين ومطحونين.
(2) مديان: هو الابن الرابع لإبراهيم من زوجته قطورة، ونسله كانوا شعباً من البدو الرحل فلم يكن لهم مقر ثابت، إذ كانوا كثيرى التنقل من مكان إلى مكان سعياً وراء الكلأ لمواشيهم. ويتفق معظم العلماء على أن “بلاد مديان” كانت تطلق أساساً على المنطقة الواقعة شرقى خليج العقبة فى شبه الجزيرة العربية .
(3) صفورة: اسم مديانى معناه عصفورة.
(4) جرشوم: اسم معناه نزيل أو غريب.