بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
الحياة الرهبانية السليمة ج 1
أريد أن أكلمكم عن الحياة الرهبانية السليمة و كيف يعيش الراهب فيها .
الهدف :
1- أول حاجه لابد إن الراهب يكون له هدف سليم … هدف سليم فى مجيئه للرهبنة أو تصحيح هدفه إلى هدف سليم بعد الهدف السليم فى الرهبنة هو التفرغ للجلوس مع الله والثبات فى محبة الله … الهدف السليم الأصلى للرهبنة هو حياة السكون و حياة الوحدة و حياة الصلاة و حياة التوبة .
2- يوجد أناس يتخيلون أن النمو فى الحياة الرهبانية هو فقط النمو فى حياة الوحدة … يرتقى من إنسان فى مجمع إلى إنسان يحبس فى قلايته و يتدرج إلى أن يصل من الحبس داخل القلاية إلى الحبس خارجها إلى الحبس فى المغارة إلى ….. الخ لكن فى الحقيقة ليس هذا هو الهدف الوحيد فى الرهبنة … توجد أهداف داخل الرهبنة هى أهداف فى نقاوة القلب ، لأنه يمكن الإنسان عايش فى وحدة و لم يصل إلى نقاوة القلب بعد .
3- فى تاريخ الرهبنة نجد آباء نبغوا فى فضيلة الصمت مثل القديس أرسانيوس مثلا ، أو أناسا نبغوا فى فضيلة الدموع و التوبة على خطاياهم مثل أرسانيوس و موسى الأسود و أناسا نبغوا فى فضيلة الاتضاع و الاحتمال مثل القديسة الهبيلة و أناسا نبغوا فى فضيلة المحبة و خدمة الآخرين مثل موسى الأسود و أناسا نبغوا فى فضيلة الصلاة الدائمة مثل القديس مكاريوس الأسكندرانى أو مثل كثير من الآباء السواح و أناسا نبغوا فى الاتضاع مثل القديس تادرس تلميذ الأنبا باخوميوس … كل واحد أخذ فضيلة من الفضائل و سار فيها على قدر طاقته … و قيل عن القديس الأنبا بيشوى إنه كان كل فضيلة يتقنها و يعرفها الناس عنه يتحول إلى فضيلة أخرى يركز فيها جهده حتى لا يعرف عن فضائله أمام الناس … المهم أن الرهبنة كانت بالنسبة لكل هؤلاء حياة الفضيلة عموما حياة نقاوة القلب من الداخل .
4- إنسان تتكشف له أخطاؤه و يحاول أن يقاوم هذه الأخطاء واحدة فواحدة حتى ينتهى منها و من أجل هذا السبب قيل عن الرهبنة إنها حياة التوبة ، أى إنسان يبدأ يتوب و يتتبع أخطاءه و يعالج هذه الأخطاء … هذا الإنسان الذى يسلك فى حياة التوبة فى الرهبنة لا يتضايق أبدا إذا وبخه أحد بل بالعكس يفرح أن موبخه يكشف له أخطاءه ليتركها فلا يتضايق لأنه سالك فى حياة التوبة .
5- هؤلاء الذين سلكوا فى حباة التوبة فى الرهبنة كانت لهم موهبة الدموع أيضا من أجل خطاياهم ، بالطبع هناك دموع فى الرهبنة تأثر بالحب الإلهى … و دموع فى الرهبنة من قلب حساس أقل كلمة تسمع تثير دموعه … و هناك دموع توبة كما قيل ” إجلس فى قلايتك و إبك على خطاياك ” … من منا يضع أمام نفسه أن يجلس فى قلايته و يبكى على خطاياه ؟
6- لعل من الذين ظهروا فى حباة التوبة فى الرهبنة بأسلوب واضح القديس الأنبا شيشوى الذى يسمونه أحيانا القديس صيصوى … حتى ساعة خروج روحه من جسده كان يطلب فرصة أخرى ليتوب … القديس الأنبا شيشوى سكن فى البرية الشرقية فى جبل أنطونيوس فى وقت من الأوقات .
7- إذا من أهداف الرهبنة الداخلية حياة التوبة و تنقية القلب و إكتشاف الضعفات و متابعة هذه الضعفات لكى يتركها الإنسان و مثل هذا الإنسان لا يتعب من التوبيخ بل يفرح به … و أيضا تكون له موهبة الدموع … و أيضا يكون إنسان متضع كإنسان تائب كما يقول فى الرهبنة ” هذا أبر منى و هذا أفضل منى و هذا أقوى منى و هذا أنقى منى و … ” و يرى جميع الناس أفضل منه لأنه سالك فى طريق التوبة … فحباة التوبة تعطيه الإتضاع … و بالطبع مع حياة التوبة لا يغضب من الناس لأن نفسه مكسورة داخله و دائما الغضب من الناس مصحوب بكبرياء فى القلب لأن الكبرياء الذى داخل القلب يجعل الإنسان يثور لكرامته و لما يثور لكرامته يغضب .
8- لكن الإنسان التائب هو إنسان متضع كلما قيل له شئ يرى أن حقيقته أصعب مما قيل له … يقول كما قال القديس موسى الأسود لما طرد من البابا ثاؤفيلس أثناء رسامته قال ” حسنا فعلوا بك يا أسود اللون يا رمادى الجلد ما دمت لست بإنسان فلماذا تقف وسط الناس ؟ ” …