الأحد الأول

(متى 19:6- 33)

أولاً : “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض.. بـل اكنزوا لكـم كنوزا فى السماء”.

ثانياً : “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال”.

ثالثا : “اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم”.

أولاً: لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض، بل اكنزواً لكم كنوزاً في السماء:

• قال القديس اوغسطينوس:

(فإن كان القلب على الأرض، أى إن كان الانسـان فـى سـلوكه يرغب فى نفع الأرض، فكيف يمكنه أن يتنقـى مـادام يتمتـع فـى الأرض؟.. أما إذا كان القلب فى السماء فسـيكون نقيـاً، لأن كـل

 

ما فى السماء فهو نقى. فالأشياء تتلوث بامتزاجها بمـا هـو اردأ منها، ولو كان هذا الردىء نقى فى ذاته، فالذهب يتلوث بإمتزاجـه بالفضة النقية.. وفكرنا يتلوث باشتهائه الأمور الأرضية رغم نقـاوة الأرض وجمال تنسيقها فى ذاته).

2- قال القديس يوحنا ذهبي الفم:

فى نفس الآيـة “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض.. بل اكنزوا لكم كنوزا فى السماء”، (إذ يقدم السيد المسيح هذا التوجيه، يعلن جانبـه الإيجابى.. ألا وهو أننا بالعطاء نحَّول كنزنا إلى فوق فـى السـماء، كما يوضح جانبه السلبى أيضاً.. مهدداً أن مـا نتركـه هنـا يفسـد بطريق أو بآخر فنفقده إلى الأبـد، أى نجمعـه للسـوس والصـدأ واللصوص، وأن هربت من هذه الشرور كلها، لن تهرب من عبودية قلبك له فيستمر بالكامل إلى أسفل.. لأنه حيث يكـون كـنزك هنـاك يكون قلبك أيضاً.. إذن فلنقم المخازن فى السماء).

3- وقال القديس يوحنا الدرجى:

+ (أن جميع الذين بادروا إلى الزهد فى العالم لابد أنهم زهـدوا فيه إما فى سبيل الملكوت الآتى، أو حباً بالله).

+ (من ابغض العالم، نجا مـن الحزن؛ ومـن تعلـق بشـىء من المنظورات لم يعتق بـه بعـد.. إذ كيـف لايحـزن لفقـده مايحب؟!).

 

4- كان عند الأب ثيؤدوروس الفريمى ثلاث كتب جيدة، فزار الأب مقاريوس وقال له:

(يا أبت.. عندى ثلاث كتب جيدة انتفـع منـها، والأخـوة أيضـاً يستخدمونها وينتفعون بها. قل لى ما ينبغى أن أعمل.. هل احتفـظ بها لمنفعتى ومنفعة الأخوة؟ أم أبيعها لكى أعطى للفقراء؟).

أجابه الأب مقاريوس قائلاً : (حسنة الأعمال، لكن عدم القنيـة أثمـن من كل شئ). فلما سمع هذا الكلام مضى وباع الكتب موزعاً ثمنـها على الفقراء.

5- قال القديس يوحنا الأسيوطى (التبايسى):

(الدخول إلى العالم هو الإهتمام به.. والخروج منه هـو معرفـة الله.. والنفس النقية هى مسكن الله).

ثانياً: لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال:

1-قدم لنا القديس يوحنا كاسيان أمثلة خطيرة للطمع ومحبة المال، فيقول:

+ (بسبب الطمع سقط جيحزى تلميذ اليشع النبى فى الكذب والإصرار عليه.. ففقد روح النبوة وألتصق به البرص كل أيام حياته).

+ (دفع الطمع حنانيا وسـفيرة إلـى الكـذب علـى الروح القدس.. فسقط كلاهما ميتين).

 

+ (دفع الطمع يهوذا المختار بين التلاميذ إلى خيانة سيده.. ففقد التلمذة للسيد المسيح. والرسولية، بل وانتحر).

لذلك يقول: (ينبغى علينا ليس فقط أن نأخذ حذرنـا مـن حيـازة المال، بل أن ننتزع أيضاً من نفوسنا تلهفنا عليه).

• قال الأب مكسيموس المعترف:

توجد ثلاثة أسباب لمحبة المال:

1- محبة الملذات 2- المجد الباطل.

3- عدم الإيمان والثقة.

عدم الإيمان والثقة أشر من السببين الأولين.

• قال القديس يوحنا ذهبى الفم:

يسمى حب المال سيداً ليس بطبيعته الخاصة به وإنما بسبب بـؤس المنحنين له.. هكذا أيضاً تدعى البطنة إلـها: “الذين نهايتهم الهلاك. الذيـن إلههم بطنهم ومجدهم فـى خزيـهم، الذيـن يفتكـرون فـى الإرضيات” (فى 19:3). ليس عن كرامة هذه السيدة وإنما بسبب بؤس المستعبدين إليـها.

• وقال القديس أوغسطينوس:

(من يخدم المال يخضع للشيطان القاسى المهلك.. فإذ يرتبك بشهوته للمال يخضع للشيطان ويلازمه رغم عدم محبته لـه. لأن مـن منـا يحب المال يشبه إنساناً أحب خادمه لدى شخص قاسى، فرغم عـدم محبته لسيدها إلا أنه يخضع لعبوديته القاسية بسبب محبته للخادمة).

 

+ (املك ولا تكن مملوكاً.. خذ ولاتكن مأخوذاً. كن سيداً علـى مالك لا عبداً له).

+ (إن امتلكت ذهباً فكن ربه ولا تكن عبده)

+ (الذهب والفضة صالحان، ولكنهما لا يجعلانك صالحـاً بـل يمكنك أن تفعل بهما صلاحاً).

• قال القديس يوحنا الداجى:

+ حب المال سجود للأوثان، وثمر لعدم الإيمان، وتعلل بالأمراض.

+ كما لا يخلو البحر من الأمواج.. لا يخلو حب المال من الغيظ وآلهم.

+ لاتقل أنك تجمع المال من أجل الفقراء فـإن فلسـين إبتاعـاً الملكوت. لم يكن هناك أثر لحب المال عند أيوب.. ولذا بقى فى سلام لما فقد كل شئ.

ثالثاً: اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم:

• قال القديس اوغسطينوس:

فى تأمل له عن هذه الآية: (ملكوت الله وبره هو الخبز الذى نسعى إليه والذى نقصده من كل أعمالنا، ولكننا إذ نخدم فى هـذه الحيـاة كجنود راغبين فى ملكوت السموات نحتاج إلى الضروريات اللازمـة للحياة.. لذلك قال الرب: “هذه كلها تزاد لكم”).

 

+ ويقول أيضـاً: (أن البيت الأرضى للدمار.. والبيت السماوى للأبد).

+ ويقول أيضاً: (من منا لا يشتاق الى المدينة التـى لا يخـرج منها صديق ولا يدخلها عدو).

• قال أخ للأب يوحنا الفارسى:

+لقد تعبننا تعباً هذا مقداره من أجل ملكوت السموات.. ترى هل نرثه؟

+ أجابه الأب: (أنا أؤمن أننى سأرث أورشليم العليا التـى فـى السموات لأن من وعدنا بذلك آمين.. فلماذا الشك إذن؟).

+ لقد كنت مضيفا كإبراهيم، وديعا كموسى، باراً كـهارون، صبـوراً كأيوب، أمينا كبطرس، حكيماً كسليمان.. وأؤمن كاللص أن من وهبنى هذه كلها بفرط خيريته سيهبنى الملكوت أيضاً.

• قال الأب ايسيذوروس الكاهن:

(إذا اشتهيت أن تنال ملكوت السموات فأحتقر الأموال واسع نحـو المكافأة الإلهية).

• قال القديس كيرلس الكبير:

(إن سيدنا المحب للفضيلة يريدنا أن نبتعد عن كل الأمور الأرضية والزمنية وأن نهرب من محبة الجسد، ومـن هم إنشـغال الربـح الباطل، ومن الشهوات الدنيئة، ولا نلقى بالا لما فى الخزائـن، وأن نحتقر الثروة وحب الربح، وأن نكون صـالحين ومحبيـن بعضنـا لبعض، وألا نكنز كنوزاً علـى الأرض، وأن نسمو فـوق الـنزاع والحسد ولا نتشاجر مع الأخوة بل بالأحرى نسعى وراء كـل تلـك الأمور النافعة والضرورية لخلاص النفس).

 

 

Share

Permanent link to this article: https://stmina.info/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84/

Load more