عند التأمل فى أحداث الصلب والقيامة نجد بعض الشخصيات التى تظهر بوضوح فى هذه الأيقونة، بعضهم مثل نجوم مضيئة تعلن أثر عمل الروح القدس فى البشرية فيظهر فى صورة المحبة النقية والتوبة الصادقة، أما البعض الآخر فمثل بقع سوداء توضح حال البشرية عندما ترفض عمل الروح القدس فيها فتصبح خائنة خائفة وفاقدة للرجاء.
من هذه الشخصيات:
8- يوسف الرامى
يعتبر “يوسف الرامى” من الشخصيات الهادئة الوقورة. متوازن وقوى الشخصية وله كلمة مسموعة ولسنا نعرف متى تبع السيد المسيح وصار له تلميذاً. إنه نموذج جيد للتلميذ المخلص الصادق, وإن كان فيه بقية من الأنسان العتيق. فقد كان مثل نيقوديموس يخشى رد فعل اليهود متى عرفوا إنه تلميذ للمسيح.
ويقول القديس مرقس أن يوسف الرامى هو “تلميذ ليسوع” وهو أيضاً “منتظر ملكوت السموات”
ولادته:
ولد يوسف فى “الرامة” أو “الرمتايم” وهى نفس البلدة التى ولد فيها صموئيل النبى (اصم1:1) ومعنى اسم تلك البلدة “مرتفع الحراس” ويعتقد أن موقعها الآن “رام الله”.
يوسف الرامى فى الأناجيل:
ذُكر عنه فى البشائر الأربعة بأنه:
1- رجل غنى (مت 57:27)
2- مشير شريف (مر43:15)
3- مشيراً ورجلاً صالحاً باراً (لو50:23)
4- تلميذ يسوع (يو38:19)
وظيفته الدينية:
واضح أنه كان عضواً فى السنهدريم وعندما أنعقد المجمع لمحاكمة يسوع (قبل القبض عليه) رفض أن يوافقهم على رأيهم.
ولم يستطع يوسف أن يُكرم المسيح فى حياته ولكن أحداث الآلام و الصلب الدامية حركت مشاعره وعندما مات يسوع على الصليب طلب يوسف من بيلاطس جسد يسوع ليدفنه بنفسه, ولكن تعجب بيلاطس بأن يسوع مات سريعاً. والدليل على ذلك أنه استدعى قائد المئة ليتأكد منه, وبعدها وافق على طلب يوسف. (مر44:15).
“ولكن كيف تجاسر كما يقول القديس مرقس ويدخل إلى بيلاطس ويطلب جسد يسوع (مر43:15) وهو ليس من أقرباءه كما التشفع فى مصلوب أمر يعرض للمتاعب وقد يصل فى بعض الأحيان إلى الإعدام لمجرد طلب جسد المصلوب ولكن يوسف رجل سنهدريمي وله شهرته.
التكفين والدفن:
مع أن بائعى الأكفان والحنوط كانوا لا يعملون أيام السبوت إلا أن نيقوديموس استطاع شراء الحنوط قبل السبت, أما الكتان فكان كتاناً نقياً بمعنى أنه غالى الثمن (مت59:27)
وقام كل من يوسف الرامى ونيقوديموس بتكفين جسد يسوع مع الأطياب حسب عادة اليهود (يو40:19).
القبر الذى دٌفن فيه السيد:
هو قبر ملك خاص ليوسف الرامى حفره ليٌدفن فيه بالقرب من المدينة المقدسة, وحفر ذلك القبر خصيصاً فى الصخر لتكون مقبرة العائلة ولم يكن أحد قد دُفن فيه بعد (يو41:19, مت60:27) والقبر الذى من هذا النوع مُكلف جدا, ولم يعتد علًى فعل ذلك إلا الأغنياء فقط.
الحجر على فم القبر:
كان هذا الحجر الثقيل عبارة عن أسطوانة مثل حجر الطاحونة يُدحرج حتى يأتى مقابل فتحة القبر. مع وجود هبوط تحته يستقر فيه حتى لا يمكن دحرجته بسهولة وإلا لكانت النسوة حركوا الحجر بسهولة ولكنهن بحثن عمن يدحرجه لهن (مر3,2:16). ولعل دفن يوسف لجسد المسيح كان أعظم عمل جاء إلى الحياة لأجله.
وتعيد له الكنيسة القبطية فى يوم 22 برمهات الموافق 31 مارس من كل عام.
9- نيقوديموس
اسم نيقوديموس يُعنى “نقى الدم” أو “منتصر على الشعب” وهذا الاسم كان من الأسماء الشائعة بين اليهود فى القرن الأول الميلادى.
نيقوديموس فى الأناجيل:
ذُكر نيقوديموس ثلاث مرات فى العهد الجديد:
1- هو الذى أتى إلى يسوع ليلاً وتحدث معه عن الولادة الجديدة (يوحنا 3).
2- هو الذى على استحياء عاتب مجلس السنهدريم على التسرع فى الحكم على يسوع.
3- أعظم عمل قام به فى حياته وهو دفن جسد يسوع.
لقاء نيقوديموس بالسيد المسيح:
جاء نيقوديموس إلى السيد المسيح ليلاً وراح يسأل مثل تلميذ مبتدىء. كيف يولد شيخ كبير مثله من جديد؟, ألعله يقدر أن يدخل بطن أُمه ثانيةً! غير أن السيد المسيح لم يكن يتكلم عن البطن الجسدية بل البطن الروحية, بطن الأم والتى تلد بنين الله.
وهكذا كان نيقوديموس المعلم والحاخام الكبير لا يُدرك أن الناموس والأنبياء والنبوات والرموز كلها أشارت إلى رب المجد يسوع وتوقفت عنده.
دفن السيد المسيح:
يُذكر أن نيقوديموس اشترى مئة رطل من الحنوط مع الكتان النقى لينال هذه النعمة العظيمة مع يوسف الرامي فى تكفين جسد يسوع.
ويُذكر أيضاً فى بعض التقاليد إنه اعترف جهراً بالمسيح فادياً ومخلصاً, ونال سر المعمودية على يدى القديس بطرس, وما أن سمع السنهدريم فى أورشليم حتى أصدروا قراراً بطرده من مركزه, ونفيه من أورشليم (لعله اختار هذا النفى), وقد فقد ثروته مع إنه كان من أثرياء اليهود ولكنه ضحى بكل ما يملك ليفوز بكنز الإنجيل و الكنز المذخر له فى الحياة الأبدية. “انه الكنز الذى مضى التاجر وباع كل ما له واشتراه”
وتعيد له الكنيسة القبطية فى يوم 17 برمودة الموافق 25 أبريل من كل عام.