قراءات القداس
البولس (2كو 4 : 5 ــ 5 : 1 ــ 11)
فَإنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ
رَبِّنَا، وَنَحْنُ أيْضاً عَبِيدٌ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ يَسُوعَ؛ لأنَّ
اللَّهَ الَّذِي قَالَ: " أنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ "، هُوَ
الَّذِي أَضَاءَ في قُلُوبِنَا، نُورَ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللَّهِ بِوَجْهِ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَلَنَا هذا الْكَنْزُ في أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ؛ لِكَيْ
يَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ لِلَّهِ لا مِنَّا. مَحْزُونِينَ في كُلِّ
شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مَطْرُودِينَ، لكِنْ غَيْرَ
سَاقِطِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ،
لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. حَامِلِينَ في أَجْسَادِنَا كُلّ حِينٍ إمَاتَةَ
يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أيْضَاً في أَجْسَادِنَا. لأننَا
نَحْنُ الأحْيَاءَ نُسَلَّمُ في كُلِّ حِينٍ لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ
يَسُوعَ؛ لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أيْضاً في جَسَدِنَا الَّذِي
سَيَمُوتُ. فَالْمَوْتُ إذاً يَعْمَلُ فِينَا، وَلكِنَّ الْحَيَاةَ
فِيكُمْ. وَفِينَا هذَا الرَّوحُ الَّذِي لِلإيمَانِ، حَسَبَ الْمَكْتُوبِ:
" آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ "، نَحْنُ أيْضاً نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ
نَتَكَلَّمُ. عَالِمِينَ أنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ
سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أيْضاً مَعَ يَسُوعَ، وَيُوقِفُنَا مَعَكُمْ. لأنَّ
جَمِيعَ الأشْيَاءِ كَانَتْ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ،
وَيَزْدَادَ الشُّكْرُ مِنَ الْكَثِيرِينَ لِمَجْدِ اللَّهِ. لِذلِكَ لا
نَمَلُّ، بَلْ وَإنْ كَانَ إنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْسَدُ، فَالدَّاخِلُ
يَتَجَدَّدُ يَوْماً فَيَوْمَاً؛ لأنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةِ
تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبدِيٍّ. وَنَحْنُ
غَيْرُ نَاظِرِينَ إلى مَا يُرَى، بَلْ إلى مَا لا يُرَى؛ لأنَّ الأشْيَاءَ
التي تُرَى هِيَ وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا التي لا تُرَى فَأَبدِيَّةٌ.
لأننَا نَعْلَمُ أنهُ إنْ نُقِضَ بَيْتُ مَسْكَنِنَا الأرْضِيُّ،
فَلَنَا في السَّمَوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللَّهِ، بَيْتٌ أَبدِيٌّ، غَيْرُ
مَصْنُوعٍ بِيَدٍ؛ لأننَا في هذَا نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إلى أنْ نَلْبَسَ
مَسْكَننَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ. وَإنْ لَبِسْنَاهُ فَلا نُوجَدُ
عُرَاةً. فَإنَّنَا نَحْنُ السُّكَّانَ في هذَا الْمَسْكَنِ نَئِنُّ
مُثْقَلِينَ، إذْ لَسْنَا نُرِيدُ أنْ نَخْلَعَهُ بَلْ أنْ نَلْبَسَ
فَوْقَهُ، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. وَلكِنَّ الَّذِي
صَنَعَنَا لِهذَا عَيْنِهِ هُوَ اللَّهُ، الَّذِي أَعْطَانَا أيْضاً
عُرْبُونَ الرُّوحِ. فَإذْ نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ
أننَا مَا دُمْنَا هُنَا في الْجَسَدِ، فَنَحْنُ غُرَبَاءُ عَنِ الرَّبِّ.
لأننَا بِالإيمَانِ نَسْلُكُ لا بِالْعِيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ
بِالأَوْلَى أنْ نَخْرُجَ مِنَ الْجَسَدِ وَنَمْضِيَ إلى الرَّبِّ. مِنْ
أَجْلِ هذَا نَحْتَرِصُ أيْضاً مُقِيمِينَ كُنَّا هُنَا في الْجَسَدِ أَوْ
خَارِجِينَ عَنْهُ لِنَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ. لأنهُ لابدَّ أننَا
جَمِيعَنَا نَظْهَرُ أَمَامَ مِنْبَرِ الْمَسِيحِ؛ لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ
كَالأعْمَالِ التي عَمِلَهَا بِالْجَسَدِ، خَيْرَاً كَانَتْ أَمْ شَرَّاً.
فَإذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةِ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأمَّا
اللَّهُ فَقَدْ صِرْنَا لَهُ ظَاهِرِينَ، وَأَرْجُو أنْ أَكُونَ ظَاهِرَاً
في ضَمَائِرِكُمْ أيْضاً.
(نعمةُ اللَّهِ الآبِ فَلْتَحِلْ عَلَى أرواحِنا يا آبائي وإخْوَتي. آمين.)
الكاثوليكون (1بط 2 : 18 ــ 3 : 1 ــ 7)
أيهَا العَبِيدُ، كُونُوا خَاضِعِينَ لأَسْيَادِكُمْ بِكُلِّ خَوْفٍ،
لَيْسَ فَقَطْ للصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ، بَلْ للأُخَرِ
الْمُعوَجِّينَ أيْضاً؛ لأنَّ هذِهِ نِعْمَةٌ، إنْ كَانَ أحَدٌ مِنْ أجْلِ
ضَمِيرٍ نَحْوَ اللَّهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَاناً وَهُوَ مَظْلُومٌ. لأنْ مَا
هُوَ الافْتِخَارُ إذا كُنْتُمْ تُخْطِئُونَ وَيُقْمعُونَكُمْ
فَتَصْبِرُونَ؟ لَكِنْ إذا صَنَعْتُمُ الْخَيرَ وَتَألَّمْتُمْ
وَصَبِرتُمْ، فَهذِهِ هيَ نِعْمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، الَّذِي دَعَاكُمْ
لِهذَا. لأنَّ الْمَسِيحَ هُوَ أيْضاً تَألَّمَ عَنَّا، تَارِكَاً لَنَا
مِثَالاً لِكَيْ نَتَّبِعَ خُطُوَاتِهِ. " الَّذِي لَمْ يُخْطِئْ، وَلَمْ
يُوْجَدْ في فَمِهِ غِشٌّ "، وَكَانَ يُشْتَمُ وَلا يَشْتِمُ. وَإِذْ
تَألَّمَ لَمْ يَغْضَبْ وَأعْطَى الْحُكْمَ لِلحَاكِمِ العَادِلِ. الَّذِي
رَفَعَ خَطَايَانَا عَلَى الْخَشَبَةِ بِجَسَدِهِ، لِكيْ مَا إذا مُتْنَا
بالْخَطَايَا نَحْيَا بِالبِرِّ. وَالَّذِي شُفِيتُمْ بِجِرَاحَاتِهِ.
لأنكُمْ كُنْتُمْ كَمِثْلِ خِرَافٍ ضَالَّةٍ، لَكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ
إلى رَاعِيكُمْ وَأُسْقُفِ نُفُوسِكُمْ.
كَذلِكُنَّ النِّسَاءُ أيْضاً، فَلْيَخْضَعْنَ لِرِجَالِهِنَ، حَتَّى
وَإنْ كَانَ الْبَعْضُ لا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ
النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ. مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرَةَ
بِخَوْفٍ. وَعَلَى هذَا فَلاَ تَكُنْ الزِّينَةُ الْخَارِجِيَّةُ، مِنْ
ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، هِيَ
زِينَتُكُنَّ، بَلِ الإنْسَانُ الْخَفِيُّ في الْقَلْبِ، في الرُّوحِ
الْهَادِئِ الْوَدِيعِ الْعَدِيمِ الْفَسَادِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ
اللَّهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ. لأنهُ هكَذَا كَانَتْ قَدِيماً النِّسَاءُ
الْقِدِّيسَاتُ الْمُتَوَكِّلاَتُ أيْضاً عَلَى اللَّهِ، يُزَيِّنَّ
أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ
إبْرَاهِيمَ وَتَدْعُوهُ " سَيِّدِي ". الَّتي صِرْتُنَّ لَهَا أَوْلاداً،
صَانِعَاتِ الْخَيْرِ، وَغَيْرَ خَائِفَاتٍ خَوْفاً مِنْ أَحَدٍ
الْبَتَّةَ.
كَذلِكَ أَنْتُمْ أيْضاً أَيهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ
مَعَهُنَّ عَالِمِينَ أنَّ النِّسَاءَ آنِيَةٌ ضَعِيفَةٌ، مُعْطِينَ
إيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أيْضاً نِعْمَةَ الْحَيَاةِ بِأَيِّ
نَوْعٍ، لِكَيْ لا تُعَاقَ صَلَوَاتكُمْ.
(لا تُحِبُّوا العَالَمَ ولا الأشْيَاءَ التي في العَالَمِ، لأنَّ العَالَمَ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ مَعَهُ، وأمَّا مَنْ يَعمل مَشِيئَةَ اللَّهِ فإنه يَثْبُت إلى الأبدِ. آمين.)
الإبركسيس (20 : 17 ــ 38)
وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إلى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى أحْبَارَ
الْكَنِيسَةِ. فَلَمَّا جَاءُوا إلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: " أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَتِيتُ إلى أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ
مَعَكُمْ كُلَّ هذَا الزَّمَانِ، أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ
وَدُمُوعٍ، وَالتَّجَارِبُ التي أَتَتْ عَلَيَّ بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ.
كَيْفَ لَمْ أُخْفِ شَيْئاً مِنَ الْفَوَائِدِ إلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ
عَنْهَا وَعَلَّمْتُكُمْ بِهَا. شَاهِداً جَهْرَاً وَفي كُلِّ بَيْتٍ
لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إلى اللَّهِ وَالإيمَانِ
الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَالآنَ هَا أنا أَذْهَبُ إلى
أُورُشَلِيمَ مَأْسُوراً بِالرُّوحِ، لا أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي
هُنَاكَ فِيها. غَيْرَ أنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ لِي في كُلِّ
مَدِينَةٍ قَائِلاً: " إنَّ وُثُقَاً وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُكَ ".
وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلا نَفْسِي مُكَرَّمَةٌ
عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ التي أَخَذْتهَا مِنَ
الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ. وَالآنَ هَا
أنا أَعْلَمُ أَنكُمْ لا تَرَوْنَ وَجْهِي بَعْدُ، أَنْتُمْ جَمِيعاً
الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَهُمْ كَارِزاً بِمَلَكُوتِ اللَّهِ. لِذلِكَ
أُشْهِدُكُمُ في نَهَارِ هذَا الْيَوْمِ إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِكُمْ
جَمِيعاً، وَذلِكَ لأني لَمْ أَتَأخَّرْ أنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ
مَشِيئَةِ اللَّهِ. اِحْتَرِسوا إذَاً لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ
الرَّعِيَّةِ التي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ القُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً،
لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ الرَّبِّ التي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ بِذَاتِهِ. لأني
أَعْلَمُ: أنهُ مِنْ بَعْدَ ذَهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ
خَاطِفَةٌ لا تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ
رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأَقْوَالٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا
التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. لِذلِكَ اسْهَرُوا إذاً، مُتَذَكِّرِينَ أني
ثَلاَثَ سِنينَ لَمْ أَفْتُرْ نَهَاراً وَلَيْلاً عَنْ أنْ أُعَلِّمَ
بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ. وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ لِلرَّبِّ
وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أنْ تُثَبِّتَكُمْ وَتَمْنَحَكُمْ
مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ ثَوْبَ
أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ احْتِياجَاتِي
وَاحْتِياجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. في كُلِّ
شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أنهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ نَتْعَبَ وَنُعَضِّدَ
الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ لأنهُ قَالَ: "
الْغِبْطَةُ في الْعَطَاءِ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ ". وَلَمَّا قَالَ هذَا
جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى. وَكَانَ بُكَاءٌ
عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ وَقَبَّلُوهُ
مُتَوَجِّعِينَ، وَلا سِيَّمَا مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ التي قَالَهَا:
إنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا وَجْهَهُ أيْضاً. ثُمَّ شَيَّعُوهُ إلى
السَّفِينَةِ.
(لَمْ تَزَلْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو وتَكْثُرُ وتَعْتَزُ وتَثْبُتُ، في بِيعَةِ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةِ. آمين.)
|