شخصيات فى أيقونة الفداء (1)

عند التأمل فى أحداث الصلب والقيامة نجد بعض الشخصيات التى تظهر بوضوح فى هذه الأيقونة، بعضهم مثل نجوم مضيئة تعلن أثر عمل الروح القدس فى البشرية فيظهر فى صورة المحبة النقية والتوبة الصادقة، أما البعض الآخر فمثل بقع سوداء توضح حال البشرية عندما ترفض عمل الروح القدس فيها فتصبح خائنة خائفة وفاقدة للرجاء.
من هذه الشخصيات:

1- قيافا رئيس الكهنة

قيافا اسم أرامى معناه صخرة.
من هو قيافا ؟؟
هو يوسف قيافا الذى تولى رئاسة الكهنوت فى الفترة (من18-36م.)
عينه فاليروس جرانوس الحاكم السورى والمسئول عن منطقة اليهودية والوالى الذى فيها, فقد عزل حنان وعين مكانه آخر يدعى (إسماعيل بن فابى) ثم عزله وعين بدلاً منه “ألعازر” وهو ابن “حنان” المشار إليه هنا, وأخيراً جاء قيافا صهر حنان. وكان قيافا نفسه هو الخامس عشر فى سلسلة رؤساء الكهنة على مدار ستين سنة!!
أول مرة نسمع عن قيافا, كان عند كرازة يوحنا المعمدان (لـو 3) ويعتبر قيافا صدوقى أرستقراطى, ينتمى إلى عائلة صادوق رئيس الكهنة الذى عينه سليمان الحكيم لينهى كهنوت عالى الكاهن ويعيد عائلة فينحاس إلى هذه الخدمة كما وعده الرب (عد25 : 13,12).
فى أيام السيد المسيح كان قيافا هو رئيس الكهنة الرسمى, بينما كان حماه حنان هو رئيس الكهنة الفعلى والمحرك الحقيقى لصهره قيافا, وكان أكثر شراً منه, وقيافا هذا هو المسئول الأول عن صلب المسيح من جهة الاجراءات والدسائس, مثلما كان المسئول الأول عن اضطهاد المسيحيين فى بكور العصر الأول للمسيحية (أعمال 4 : 5, 6) لقد أضمر فى قلبه أن يدمر الكنيسة بعد صلب المسيح, فى حين أن بيلاطس البنطى ذاته لم يشغل باله بالمسيح وبالمسيحيين بعد الصلب, مثلما كان يرغب فى إطلاق سراح المسيح لولا اصرارهم على التخلص منه, لقد كان قيافا مايزال فى منصبه عندما أمر بعد سنوات بالقاء الرسل فى السجن, كما أباح رجم أستفانوس رئيس الشمامسة, وهو الذى سلم شاول الرسائل إلى رؤساء المجمع فى دمشق للقبض على المسيحيين.

2- حنان رئيس الكهنة

اسم عبرى اختصار ” حنانيا ” ومعناه ” الرب تحنن “.
هو رئيس الكهنة الذى كان الحاكم فاليروس قد خلعه قبل أحداث الصلب بعشرين عاماً, وكان هيرودس الكبير قد استدعاه هو وأسرته لكى يعينه فى الحكم بشكل أو بآخر, ثم عينه رئيساً للكهنة, وقد سيطر على رئاسة الكهنوت لمدة طويلة لا سيما وأن خمسة من أولاده- بخلاف قيافا – تولوا رئاسة الكهنوت, ولأنه كان غنياً جداً فقد استطاع شراء هذه الرتبة لهم.
فى محاكمة السيد المسيح كان كل من حنان وقيافا يسكنان فى سراى رئيس الكهنة فى أورشليم. وعندما أتى الجند وبعض من رعاع الشعب بالسيد المسيح اتجهوا أولاً إلى حنان حيث أرسله هذا بدوره مقيداً إلى قيافا وفى هاتين المحاكمتين كان السيد ينتقل فقط من جناح إلى آخر داخل القصر نفسه.
وكانت المحاكمة الأولى أمام حنَّان عبارة عن مؤامرة، بينما كانت الثانية أمام قيافا عبارة عن أخذ أقوال، وأما المحاكمة الدينية الثالثة فكانت أمام مجلس السنهدريم والتى كانت – بحسب الشكل فقط – المحاكمة القانونية الوحيدة.

3- مجلس السنهدريم

هو أعلى سلطة تشريعية وقضائية يهودية, وهو يقابل مجلس الشعب المصرى ومجلس العموم البريطانى ومجلس الشيوخ الرومانى والأمريكي, ولكنه يختلف عنهم فى أنه ديني وقضائى أيضاً إلى جوار أنه تشريعي, وفى الأوقات التى كان اليهود يحكمون أنفسهم بأنفسهم كان هذا المجلس بمثابة الحكومة.
تأتى كلمة سنهدريم من اللفظة اليونانية “زيندرون” “zynedrion” والتى تعنى “الجالسون معاً وهكذا تعنى لفظة سنهدرين وفى العبرى سنهدريم مجمعاً أو مجلساَ أو مؤتمراً, ومنها جاءت لفظة سينود “synod” المستخدمة الآن على نطاق واسع فى الكثير من الكنائس.
نشأت فكرة السنهدريم قبل المسيح بعدة قرون…. وفى أيام السيد المسيح كان هناك ثلاث أنواع (أو درجات) من السنهدريم:
– المجلس القروى ويضم سبعة أعضاء ويفصل فى القضايا المحلية الصغيرة.
– المجلس المدينى (من مدينة) ويضم ثلاثة وعشرين عضواً ويختص بأمور المدينة.
– المجلس الأعلى وهو الرئيسي ويوجد فى أورشليم ويتكون من سبعين عضواً يرأسهم رئيس الكهنة, وكان يسمى داخل المجلس بــ (نازى) أى الزعيم.
ويتكون مجلس السنهدريم من ثلاث فئات من الشعب: الكهنة ورؤسائهم والصدوقيون (وهم لا يؤمنون بالملائكة ولا القيامة من الأموات), ثم الشيوخ وهم الأراخنة أو رؤساء الشعب, ثم الكتبة وهم طبقة المُثقفين من الشباب دينياً ومفسرون للأسفار وأكثرهم من الفريسيين.
وكان المجلس يتخذ شكل نصف دائرة أو حرف “يو” “U”, ويجلس رئيس الكهنة باعتباره رئيس المجلس فى الوسط مقابل الكل, وفى بعض الجلسات يتكون المجلس من ثلاثة صفوف, الأول للمجلس الرسمى والثانى يتكون من تلاميذ الأعضاء والثالث من عامة الشعب, فإذا نقص عدد أعضاء السنهدريم يُختار من تلاميذهم من يحل محله, فى حين يُختار من الشعب من يحل محل التلميذ وهكذا.. وقيل أن كرسياً فى مجلس السنهدريم كان يترك خالياً ويسمى “كرسي موسى” على اعتبار أن جلسة المجلس امتداد لعمل موسي المشرع وكأنه حاضر معهم.
السنهدريم ومحاكمة يسوع:
كان من حق رئيس الكهنة أن يدعو لعقد مجلس السنهدريم لأى أمر طارئ, وبخصوص السيد المسيح كانت أول إشارة إلى ذلك فى إنجيل يوحنا “وكان أيضاً رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً أنه إن عرف أحد أين هو فليدل عليه, لكى يمسكوه.” (يـو11 :57). وفى الثانى والعشرين من شهر فبراير من ذلك العام أصدر مجلس السنهدريم أمراً بالقبض على المسيح, فكتبت رسالة من المجلس مختومة بخاتمه وخاتم رئيس الكهنة إلى شيوخ الشعب فى المدن والقرى كما دار منادٍ فى الشوارع يعلن القرار, وهذا نصه:
((مطلوب القبض على يسوع الناصرى, وسيُرجم لأنه مارس السحر وأغوى إسرائيل وجعله يرتد. أى شخص يستطيع أن يقول شيئاً لمصلحته فليأتِ ليدافع عن نفسه, وأى شخص يعرف مكانه فليعلن عنه لمجلس الـسـنــهــدريــم فـى أورشــلــيــم))
وقف المسيح أمام مجلس السنهدريم بعد حنان وقيافا, حيث يشار إلى السنهدريم هنا بالمجمع, ومن مجلس السنهدريم مضوا به إلى بيلاطس البنطى.
حوكم المسيح ليلاً, ومن هناك تأتى عدم قانونية المحاكمة, لاسيما وأنها أصدرت حكما بالموت ليلاً وهو ما لا يجوز بحسب التقليد اليهودى, وهناك مقولة فى التلمود مفادها أن مجلس السنهدريم الذى يصدر أحكاماً بالإعدام أكثر من مرة خلال سبع سنوات يُحسب متسرعاً عجولاً حامى الطبع.

Share

Permanent link to this article: http://stmina.info/%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%89-%d8%a3%d9%8a%d9%82%d9%88%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%af%d8%a7%d8%a1-1/