سمعان الشيخ وحنة بنت فنوئيل

فى ميلاد السيد المسيح نجد أن السماء تُسَبِّح والأرض تفرح وتتهلل بميلاد رب المجد، حيث سَبَّحَ الملائكة وتهلل الرعاة وسجد المجوس للطفل المولود فى بيت لحم.

وبعد أربعين يوماً نجد أن بقية البشرية تشترك فى التسبيح والتمجيد. فإن كان الشيوخ لم يتمكنوا من الذهاب الى بيت لحم فها هم ينتظرونه فى الهيكل يقودهم سمعان الشيخ وحنة بنت فنوئيل ليقدموا له التسبيح والتمجيد.

من هما سمعان وحنة؟

لما ملك بطليموس الملقب بالغالب حوالي سنة 269 قبل الميلاد. أرسل بتدبير من الله إلى أورشليم، واستحضر سبعين رجلا من أحبار اليهود وعلمائهم، وأمرهم إن يترجموا له أسفار العهد القديم من العبرية إلى اليونانية (وهى الترجمة المعروفة بالترجمة السبعينية).

ولكى لا يتفقوا علي ترجمة واحدة، عزل كل اثنين منهم في مكان منفرد، حتى يضمن نسخة صحيحة بعد مقارنة هذه الترجمات. وكان سمعان الشيخ من بين السبعين رجلاً الذين قاموا بهذه الترجمة.

وقد حدث انه لما وصل إلى ترجمة قول أشعياء النبى “ها العذراء تحبل وتلد ابنا” (أش 7: 14) خشي أن يكتب “عذراء تحبل” فيهزأ به الملك فأراد إن يكتب كلمة “فتاة” عوض كلمة “عذراء” ولما تألم في داخله لهذه الترجمة غير الصحيحة، أعلن له الله في رؤيا انه لا يرى الموت قبل إن يرى مسيح الرب المولود من العذراء. وقد تم ذلك وعاش هذا البار نحو ثلاثمائة سنة حيث ولد السيد المسيح. وكان بصره قد كف فلما حمل الصبي علي ذراعيه أبصر واعلمه الروح القدس إن هذا هو الذي كنت تنتظره “فبارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لان عيني قد أبصرتا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل” (لو 2: 25-32).

أما حنة بنت فنوئيل فهى أرملة من سبط أشير يتجاوز عمرها المئة عام. كانت تزوجت لمدة سبع سنوات ثم مات زوجها فبقيت أرملة لم تتزوج لمدة أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا. ويقول الكتاب أنه عندما أتى يوسف ومريم بالطفل يسوع الى الهيكل لممارسة طقس ختانه “وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم” (لو 2: 36-38).

 

تسبحة سمعان:

“الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجْداً لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ” وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: “هَا إِنَّ هَذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. وأنْتِ أيْضاً يَجُوزُ فِى نَفسِكِ سِيْفٌ لِتُعلَنَ أفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ.” (لو 2: 29-35)

ويلاحظ في تسبحة سمعان الشيخ الآتي:

أولاً: يعلن عموميّة الخلاص وجامعيّة الكنيسة، فإن كان شعبه إسرائيل الذي تجسّد منه وحلّ في وسطه قد تمجَّد، وقبِلَ بعض اليهود الإيمان به، لكن إسرائيل الجديد ضم من كل الأمم.

ثانياً: إن كان الله الآب قد أرسل ابنه لخلاص العالم (يو 3: 16) خلال علامة الصليب، لكن ليس الكل يقبل هذه العلامة ويتجاوب مع محبَّة الله الفائقة، بل يقاوم البعض الصليب ويتعثَّرون فيه. هذا ومن ناحية أخرى فإنَّ سقوط وقيام الكثيرين يشير إلى سقوط ما هو شرّ في حياتنا لقيام ملكوت الله فينا، فعمل السيِّد المسيح أن يهدم الإنسان القديم ليُقيم الإنسان الجديد؛ يقتلع الشوك ليغرس في داخلنا شجرة الحياة.

ثالثاً: إن كان السيِّد المسيح الذي جاء لخلاص العالم قد صار موضع مقاومة، فإنَّ القدِّيسة مريم تشارك ابنها الصليب بكونها تمثِّل الكنيسة، التي تحمل صورة عريسها المصلوب المقاوَم. وكما يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [يُراد بالسيف الألم الشديد الذي لحق بمريم وهي ترى مولودها مصلوبًا، ولا تعلم بالكليّة أن ابنها أقوى من الموت، وأنه لابد من قيامته من القبر، ولا عجب أن جهلت العذراء هذه الحقيقة فقد جهلها أيضًا التلاميذ المقدَّسون، فلو لم يضع توما يده في جنب المسيح بعد قيامته، ويجس بآثار المسامير في جسم يسوع لما صدق أن سيِّده قام بعد الموت.] وجاء في قطع الساعة التاسعة: [عندما نظرت الوالدة الحمل والراعي مخلِّص العالم علي الصليب معلَّقا، قالت وهي باكية: أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه من أجل الكل يا ابني وإلهي.]

 

وتعيد الكنيسة القبطية فى يوم 8 أمشير بعيد دخول السيد المسيح الهيكل ونياحة سمعان الشيخ.

 

Share

Permanent link to this article: http://stmina.info/%d8%b3%d9%85%d8%b9%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d9%88%d8%ad%d9%86%d8%a9-%d8%a8%d9%86%d8%aa-%d9%81%d9%86%d9%88%d8%a6%d9%8a%d9%84/