القديس مار مرقس

هو يوحنا ال م لقب مرقس الذى تردد اسمه كثيراً فى سفر الأعمال والرسائل (55) .. كان يهوديا من سبط لاوى.. مستوطنا فى مدينة كيرين Cyrene إحدى الخمس مدن الغربية. لكن عائلته نزحت إلى فلسطي ن وطنها الأصلى، وسكنت بأورشليم.

نشأ فى أسرة متدينة، كانت من أقدم الأسرات إيمانا بالمسيحية وخدمة لها… فامه مريم كانت إحدى المريمات اللائى تبعن المسيح، كما كان لكثير من أفراد الأسرة صلة بالسيد المسيح. كان مرقس يمت بصلة القرابة للرسل بطرس وبرنابا وتوما… أما هو فقد رأى السيد المسيح وجالسه وعاش معه، بل إنه كان من ضمن السبعين رسولأ، ولذا لقبته الكنيسة “ناظر الإله، (56) .

كان بيت مرقس من البيوت الشهيرة فى تاريخ المسيحية المبكر… فيه صنع رب المجد الفصح الأخير وغسل أرجل تلاميذه. وكان هو العلية التى يجتمع فيها التلاميذ بعد القيامة، والتى شهدت حلول الروح القدس… وعلى هذا، فقد كان بيت مرقس هو أول كنيسة مسيحية فى العالم، إجتمع فيها المسيحيون فى زمان الرسل (أع 12: 12) ويذكر التقليد أن مرقس هو الشاب الذى قيل عنه إنه تبع المخلص وكان لابساً أزارأ على عريه فأمسكه الشبان، فترك الأزار وهرب منهم عرياناً (مر 14: 51، 52)- هذه القصة التى لم ترد فى إنجيل آخر سوى إنجيل مرقس، مما يدل على أنها وقعت معه…

أما عن جهوده الكرازية، فيسجل لنا سفر أعمال الرسل، أنه صحب بولس وبرنابا فى رحلتهما التبشيرية الأولى، وتنقل من أنطاكية إلى قبرص ثم إلى آسيا الصغرى… لكنه فارقهما عند برجة بمفيلية (أع 13:13). وعاد إلى أورشليم، ولم يكمل معهما الرحلة… لكنه عاد بعدها وتعاون مع بولس فى تأسيس بعض كنائس أوربا، وفى مقدمتها كنيسة روما… ويبدو أنه كرز فى بعض جهات آسيا (57) … وكرز فى أفريقيا وهى حقل كرازته الأساسية، حيث بشر فى الخمس مدن الغربية بليبيا الحالية، وفى الاسكندرية والأقاليم المصرية…

دخل القديس مار مرقس مدينة الاسكندرية ـ على الأ رجح حوالى سنة60ـ من الجهة الغربية قادماً من الخمس مدن، وكان حذاؤه قد تمزق من كثرة السير، فقصد إسكافى يدعى اينيانوس ليصلحه له، وبينما كان اينيانوس يقوم بهذه المهمة – إذ بالمخراز يجرح يده، فيصرخ ويقول: [أيها الإله الواحد]. تفل مار مرقس على الأرض وصنع طيناً ووضعه على الجرح، فشفيت يده فى الحال. ثم دار حديث بينهما حول هذا الإله الواحد الذى إستغاث به إينيانوس ومن هذا المدخل، أخذ مار مرقس يشرح له سر التجسد، فآمن وإعتمد… وأنتهى أمر إينيانوس برسامته أسقفاً ومعه ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة.

ترك مار مرقس مصر إلى الخمس مدن الغربية، وسافر منها الى روما، حيث كانت له جهود تذكر فى أعمال الكرازة عاون بها الرسول بولس (58) … لكنه ما لبث أن عاد الى مصر ليتابع العمل العظيم الذى بدأه…

وحدث بينما كان الرسول يحتفل برفع القرابين المقدسة يوم عيد الفصح – واتفق ذلك اليوم مع عيد الإله الوثنى سيرابيس – أن هجم الدهماء على الكنيسة التى كان المؤمنون قد أنشأؤها عند البحر، فى المكان المعروف باسم بوكاليا- أى دار البقر. ألقوا القبض على مار مرقس، وبدأوا يسحلونه في طرقات المدينة وهم يصيحون [جروا التنين في دار البقر]. ومازالوا على هذا النحو حتى تناثر لحمه وسالت دماؤه… وفى المساء وضعوه فى سجن مظلم. وفى منتصف تلك الليلة ظهر له السيد المسيح، وقواه ووعده بإكليل الجهاد…

وفى اليوم التالى أعاد الوثنيون الكرة، حتى فاضت روحه، وأسلمها بيد الرب فى آخر شهر برمودة سنة 68 م.

وإمعاناً فى التنكيل بجسد القديس، أضرم الوثنيون ناراً عظيمة ووضعوه عليها بقصد حرقه. لكن أمطاراً غزيرة هطلت فأطفأت النار… أخذ المؤمنون الجسد بإكرام جزيل وكفنوه … وقد سرق بعض التجار البنادقة هذا الجسد سنة 827 م وبنوا عليه كنيسة فى مدينتهم. أما الرأس فماتزال بالإسكندرية وبنيت عليها الكنيسة المرقسية.

والقديس مرقس هو كاتب الإنجيل الذى يحمل اسمه… وهو واضع القداس المعروف حالياً باسم القداس الكيرلسى نسبة للقديس كيرلس عمود الدين البطريرك الاسكندرى الرابع والعشرين، لأنه كان هو أول مَنْ دون كتابه، وأضاف إليه بعض صلوات…

وللقديس مرقس الرسول الفضل فى إنشاء المدرسة اللاهوتية بالاسكندرية تلك المدرسة التى ذاع صيتها فى العالم المسيحى كله شرقاً وغرباً وأسدت للمسيحية خدمات جليلة بفضل علمائها وفلاسفتها الذين خرجتهم. وحسب كاروزنا مار مرقس شهادة القديس بولس له… ففى الرسالة إلى فليمون يذكره فى مقدمة العاملين معه (فل 24). وفى الرسالة الى كولوسى يذكره بين القلائل العاملين معه بملكوت الله – بينما كان هو أسيراً مدة أسره الأول فى روما … وفى أسره الثانى- بينما كان يستعد لخلع مسكنه – كتب إلى تيموثاوس يطلب إليه إرسال مرقس لأنه نافع له للخدمة (2 تى 4: 11).

(55) انظر: أع 12: 12، 25 ؛13 :5، 13؛ 15: 37 – 39 ؛ كو 4: 10 ؛2 تى 4: 11، فل 24؛ 1 بط 5 : 13.

(56) أنبا شنوده، مرقس الرسول ص 14- 16

(57) يبلغ التديس بولس الكولهسيين فى ئشيا الصشى سلام مرف! (كو 4: 10) مما يدل كل أنه كان معروفا لديهم.

(58) انظر كو4: 10؛ 2 تى 4: 11؛ فل 24

Share

Permanent link to this article: http://stmina.info/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%b3-%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%b1%d9%82%d8%b3/