تكاد تكون فيبى أشهر أنثى ورد أسمها فى رسائل الرسل …لا نعرف عنها شيئاً غير ما دوِّنه القديس بولس فى أول الأصحاح الأخير من رسالته إلى كنيسة رومية… والعجيب أيضاً أن التاريخ الكنسى لا يسجل عنها أى شىء .. يكاد الأصحاح الأخير من الرسالة إلى رومية يقتصر على أسماء بعض الأشخاص الذين يبعث بولس تحياته إليهم … ويذكر على رأس هذه القائمة الطويلة كلها- قبل الرجال- ” فيبى خادمة الكنيسة التى فى كنخريا” يقول معلمنا بولس ” أوصى إليكم بأختنا فيبى التى هى خادمة الكنيسة التى فى كنخريا، كى تقبلوها فى الرب كما يحق للقديسين، وتقوموا لها فى أى شىء إحتجته منكم، لأنها صارت مساعدة للكثيرين ولى أنا أيضاً” (رو 16: 1، 2).
ويبدو أن فيبى كانت متبتلة وكانت تقوم بخدمة فعالة فى الكنيسة فى منطقة كورنثوس فهى بحسب تعبير بولس ” صار مساعدة للكثيرين ولى أنا أيضاً “. ويبدو أنها كانت تخدم كشماسة فى كنيسة كنخريا إحدى موانى كورنثوس فى بلاد اليونان. فالرسول بولس يذكرها على أنها Diakanos هذه الكلمة التى تطلق على من يقوم بخدمة الشماسية سواء كان ذكراً أم أنثى (86) … وقد أشرنا سابقاً إلى الخدمات التى كانت تضطلع بها الشماسة فى الكنيسة الأولى… ولابد وأن فيبى
كانت تمارس عمل الشماسية النسوية… وفضلاً عن ذلك، فقد كانت هى كاتبة الرسالة إلى رومية، بناء عن إملاء الرسول بولس …. وليس هذا فحسب، بل لقد حملت هى نفسها هذه الرسالة إلى رومية.
وإذ نفكر فى وضع المرأة الإجتماعى فى ذلك الع ص ر المبكر، وكيف كانت تحيا فى عزلة عن المجتمع، لا يسعنا الاَّ الاعتقاد أن فيبى لم تكن شخصية نسائية عادية… فقد جمعت فى شخصها، إلى جانب الثقافة، الشخصية والثراء، اللذين مكناها من السفر عبر البحار الى روما، من أجل الإيمان بيسوع المسيح.
وليس من السهل أن نسلم بأن مهمة فيبى كانت مجرد توصيل الرسالة التى كتبها القديس بولس إلى كنيسة رومية، بل لابد أن يكون الرسول قد كلفها بمهمة خاصة، وجد أن من الحكمة عدم الإفصاح عنها… وكل ما فعله أنه أوصى الكنيسة بتسهيل مهمتها… لا شك أن تلك المهمة كانت شىء يتعلق بخدمة الكرازة..
(86) Wuest, Romans in the Greek N.T., p. 257