سيرته وتعاليمه
كيف صار شبه الملائكة:(طهارة الحقيقية)
رهبنته:
كان لرجل اسمه قاريون ولد صغير اسمه زكريا، هذا أتي الي الأسقيط وترهب به ومعه ابنه. وقد ربي ابنه هناك وعلمه بما ينبغي. وكان الصبي جميل الخلقة، وحسن الصورة جداً. فلما شب حدث بسببه تذمر بين الرهبان،فلما سمع الوالد بذلك قال لابنه: يا زكريا هيا بنا نمضي من هاهنا لأن الآباء قد تذمروا بسبك، فأجاب الصبي أباه قائلاً: يا أبي ان الكل هاهنا يعرفون أني ابنك ولكن ان مضينا الي مكان آخر، فلن يقولوا اني ابنك، فقال الوالد: هيا بنا يا ابني نمضي الآن فان الآباء يتذمرون بسببنا.
وفعلاً قاما ومضيا الي الصعيد، وأقاما في قلاية، فحدث سجس كذلك، فقام الاثنان ومضيا الي الاسقيط ثانية، فلما أقاما أياما عاد السجس عينه في أمر الصبي.
لما رأي زكريا ذلك مضي الي غدير ماء معدني (كبريتي) وخلع ملابسه وغطس في ذلك الماء حتي أنفه،وأقام غاطساًً عدة ساعات منفخاً، فتشوه وتغيرت ملامحه، فلما لبس ثيابه وجاء الي والده لم يتعرف عليه الا بصعوبة.
حدث أن مضي بعد ذلك الي الكنيسة ليتناول الأسرار فعرفه القس ايسيذورس، وعندما رآه هكذا تعجب مما فعله وقال:
أن زكريا الصبي جاء في الأحد الماضي وتقرب علي أنه انسان. اما الآن فقد صار شبه ملاك.
المرشد الروحي:
ودفعة عندما كان أنبا زكريا ساكناً في الأسقيط ظهرت له رؤية من الله. فنهض وجاء الي أبيه، أنبا قاريون، وكان الشيخ كاملاً، ولم يأل جهداً في أن يفاخر بهذه الأمور بل نهض وضربه قائلاً:(هذه الرؤية من الشياطين). وعندما فكر في الأمر طويلاً قام ومضي ليلاً الي أنبا بيمين، وأعلمه بالأمر، وكيف كانت أفكاره تلتهب في قلبه. فعلم الشيخ أن الأمر هو من الله، وقال له (أمض الي ذاك الشيخ. وافعل كل ما يوصيك به). ولما مضي الي ذاك الشيخ، وقبل أن يخاطبه بشئ، قال له الشيخ:(ان الرؤية من الله، ولكن أمض وأخضع الي أبيك).
فضائله
اتزان عقله وسكونه:
قال أنبا قايون: اني بذلت أتعاباً كثيرة بجسدي لكني لم أصل الي رتبة ابني زكريا في اتزان العقل والسكون
تعاليمه
ما هو الراهب الحقيقي:
سأل الأب مقاريوس الكبيرة مرة زكريا وهو مازال في حداثة سنه قائلاً: قل لي: (يا زكريا ماهو الراهب الحقيقي؟)
قال له زكريا: يا أبي أتسألني أنا؟! قال له الشيخ: نعم يا ابني زكريا، فان نفسي متيقنة بالروح الذي فيك، ان شيئاً ينقصني يلزم أن أسألك عنه.
فقال له الشاب:(أن الراهب هو ذلك الانسان الذي يرذل نفسه ويجهد ذاته في كل الأمور).
كيف يخلص الراهب:
قيل: أتي أنبا موسي مرة ليستقي ماء فوجد أنبا زكريا علي البئر يصلي وكان ممتلئاً من روح الله. فقال له: ياأبتاه قل لي ماذا أصنع لأخلص. فما أن سمع الحديث حتي أنطرح بوجهه عند رجليه وقال له: ياأبي لا تسألني أنا. قال أنبا موسي:صدقني يا ابني زكريا أني أبصرت روح الله حالاً عليك ولذلك وجدت نفسي مسوقاً من نعمة الله أن أسألك فتناول زكريا قلنسوته ووضعها عند رجليه وداسها،ثم رفعها ووضعها فوق رأسه وقال: ان لم يصر الراهب هكذا منسحقاً فلن يخلص.
السكوت:
لما حضرت أنبا زكريا الوفاة سأله أنبا موسي قائلاً: أي الفضائل أعظم يا ابني. فأجابه علي ماأراه يا أبتاه، ليس شئ أفضل من السكوت. فقال له:حقاً يا ابني بالصواب تكلمت.
نياحته:
وفي وقت خروج روحه كان أنبا ايسيذورس القس جالساً فنظر الي السماء وقال: أخرج يا ابني زكريا فان أبواب ملكوت السموات قد فتحت لك.