– سأل إخوة شيخا :
أقام أنبا مكاريوس و قديسون آخرون موتى و لم يتركوهم باقين فى هذه الحياة , بل أمروهم أن يضطجعوا إلى يوم القيامة , فلماذا ؟
قال الشيخ :
بسبب أنه ليس لهم و لا للآخرين ربح لو ظلوا أحياء , و هذا كان يظهر للآباء فى رؤية , فكانوا بعد أن يقيموهم لضرورة ما يأمرونهم مرة ثانية أن يضطجعوا . و ذلك كما فعل أحد القديسين لما أقام رأس جماعة يهودية و عمده ثم تركه يموت حتى ُيعلم أن الموت ليس أمرا شريرا , و إن الله لم يخلق شرا كما يظن الهراطقة , كما أنه لا يمكن أن يموت إنسان بغير تدبير الله و إرادته , و لا يسقط طير صغير فى فخ إلا بمشيئته , و أنه حتى شعور رؤوسكم محصاة كما هو مكتوب .
فموت الناس له خمسة أنواع : موت طبيعى , و بالإرادة , و بحدث طارئ , و بالغضب , و بالأدب .
فالموت الطبيعى هو كما قال داود النبى إن يومه يدركه فيموت , و بالإرادة كما قتل شاول نفسه فى الحرب , و بحدث طارئ كالذى يسقط من مكان عال أو فى حادث دون قصد , و بالغضب أى بواسطة الشياطين و الناس الأشرار و الوحوش و غيرها , و بالأدب كما حدث فى الطوفان و نار سدوم و عمورة و نحو ذلك .
و رغم أن جميع هذه الأسباب هى بأمر الله فهو أحيانا يمنع موتا فى وقته و يسمح بموت قبل أوانه , و هذا هو تدبير الله الخفى الذى لا تدركه خليقته , بل إنهم سيعرفونه فى العالم العتيد و يشكرون الله .
و هذا التدبير لا يجرى بين الناس فى موتهم فحسب بل و أثناء حياتهم أيضا و حتى بعد موتهم و قيامتهم الأبدية ,