“أحد الرفاع، أو الأحد السابق للصوم” (متى 6: 1-18)
أولاً: الصدقة أو العطاء (متى6: 1 -4):
“احتـرزوا من أن تصنعوا صدقتكم قـدام الناس لكى ينظروكم وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذى فى السموات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعـل المراؤون فـى المجـامع وفى الأزقة لكى يمجدوا من الناس الحق أقول لكم أنهم قد استوفو أجرهم. وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكى تكون صدقتك فى الخفاء فأبوك الذى يرى فـى الخفاء هو يجازيك علانية”.
• جاء في كتاب الراعي”لهرماس”:
(اصنعوا الخير، ومن نتاج أعمالكم- التى يعطيها الـرب لكـم- أعطوا جميع المحتاجين فى بساطة، غير مترددين لمـن تعطـوا أو
لا تعطوا.. اعطوا الجميع، فالله يريد أن عطاياه توزع علـى الكـل، والذين يأخذون سيعطون حساباً لله.. لماذا ولأى سبب قد أخذوا. من جهة المحتاجين الذين أخذوا سوف لا يدانون لكن أولئك الذين أخـذوا بتظاهر مزيف سوف يعاقبون. إذن، فالذى يعطى غير مذنـب، لأنـه كما اقتبل من الرب هكذا أتم خدمته فى بساطة قلب غير متردد لمـن يحق العطاء ولمن لا يحق).
2 قال القديس الأنبا أنطونيوس:
+ (إن أعطيت أحداً رطلاً من الفضة.. كـم يكـون سرورك إذا استلمته ذهباً).
+ وقال أيضاً: (إن الذين يضعون الجزاء السماوى نصب أعينهم، يرغبون دائماً فى تقديم العطاء).
+ وقال أيضاً: (إذا بسطت يدك وكان قلبك خاليـاً من الشـفقة فلست تعمل شيئاً. إن العبرة ليست فى العطاء بل فى السـرور فى العطاء، وإن لم يكن مجال للعطاء فـالعطف وحـده كـاف لمن نحب).
• تحدث القديس يوحنا ذهبى الفم حديثا شيقا عن العطاء قال فيه:
(الرحمة تصعد الإنسان إلى علو شامخ وتسبب لـه دالـة بليغـة عند الله.. فكما أن الملكة إذا أثرت الدخـول إلـى الملك لا يجسـر
أحد من الحجاب أن يمنعها أو يسألها عن المكان الذي تريد الذهاب إليه بل كل رجال بلاط الملك يستقبلونها بابتهاج هكذا من يعمل الرحمة يمثل أمـام الملك وهـو على عرشه بدون عائق، لكون البـاري يحـب الرحمـة حبـاً شديداً وهى تقف بالقرب منه).
• قال القديس جيروم في رسالة له إلى عذراء من أشراف روما تدعى يوستوخيوم:
يجب أن تتجنبى خطية حـب المال لأن الرب يقـول: “أن لم تكونوا أمناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم” (لو 12:16).. ذلـك الذى هو للغير هو كتلة من الذهب أو الفضة، وأما ما هو لكم فـهو المـيراث الروحـى الذى قيل عنه فـى موضع آخر “فدية حياة رجل هوغناه” (أم 8:13).
• وعن الصدقه قال القديس يوحنا الأسيوطى (التبايسى):
(محب الفقراء يكون مثل من له شفيع فى بيت الحاكم، ومن يفتـح بابه للمعوزين يمسك فى يده مفتاح باب الله، ومـن يقـرض الذيـن يسألونه يكافئه سيد الكل).
ثانياً: الصلاة (متى6 : 5، 6)
“ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فأنهم يحبون أن يصلوا قـائمين فى
المجامع وفى زوايا الشوارع لكى يظهروا للناس. الحق أقول لكم أنهم قـد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك الذى فى الخفاء، فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية”.
1-في موضوع غلق الباب قال القديس يوحنا ذهبي الفم:
(الله يرغب أن تغلق أبواب الذهن أفضـل مـن غلـق الأبـواب). وفى موضوع للصلاة فى الخفاء يقول أيضاً القديس يوحنا ذهبى الفـم: (الله نفسه غـير منظور.. لـذا يـود أن تكـون صلاتك أيضـاًَ غير منظورة).
2-قال القديس مار اسحق: تلميذ القديس أنبا أنطونيوس الكبير فى موضوع الثقه في إستجابة الصلاة:
عندما نسكب صلاتنا نثق باننا ننال مـا نسـأله إذ لا نشـك فـى وصولها لله.. لأنه هكذا تستجاب صلاة الإنسـان عندمـا يؤمـن أن الله مهتم به وقادر أن يعطيه سؤاله، إذ لا يخيـب قـول الـرب: “كل ما تطلبونـه حينما تصلون فـآمنوا أن تنالوه فيكـون لكـم” (مر11 :24).
3-ويجيب القديس جيروم على التساؤل:
(إن كان الله يعرف ما نطلبه قبل أن نسأله فما الحاجة أذن للحديث معه فيما يعرفه؟ أى لماذا نصلى طالبين مـا هـو يعلـم أننـا فـى حاجة إليه؟).
يقول القديس جيروم: (إننا موجودين هنا لا لنحكى بـل لنتضرع ونستغيث، ففى الواقع يوجد فارق بين أن نحكى أمراً لمـن يجهلـه وبين أن نطلب شيئاً ممن يعرف كل شيء.. الأول يوجـه محدثـه، وأما الثانى فيكرمه ويحمده.. الأول يعـرض الأمـر، وأمـا الثانى فيطلب الرحمة).
4-وقال القديس يوحنا الدرجي عن الصلاة:
+ (الصلاة فى جوهرها هى عشرة الإنسان مع الله والإتحاد بـه، وأما فى فعلها فهى دعم الكون ومصالحة الله).
+ (الصلاة غذاء النفس وإستنارة العقل.. وفأس يقطع اليـأس.. وعلامة الرجاء وتلاشى الغم).
+ (الصلاة شغل الملائكة.. وقوت جميع غير الجسديين.. والفرح المنتظر).
+ (لتكن طلبتك بسـيطة كـل البسـاطة وخاليـة مـن التكلـف والـتزويق، لأن العشـار والإبـن الشـاطر قـد صالحـا الله بكلمة واحدة).
+ (نستدل على منفعة الصلاة من إتفاق الشياطين علـى أثـاره العوائق لنا فى أوقات الصلاة النظامية).
+ (متى صليت من أجل آخر وسمعت صلاتك فلا تـترفع، فـإن إيمان ذاك فد فعل وأيد).
5 – القديس يوحنا كاسيان يربط بين الكتاب المقدس والصلاة قال:
+ (إن كل منهما يسند الآخر بعمل الروح القدس).
+ (ليكن عمل المصلى فى صلوات السواعى اليومية أن يحول تلاوة المزامير إلى صلوات شخصية تمس علاقته الخاصة بالرب إلهه).
+ (فى دراسة الكتاب المقدس يجب ألا يقف القارئ عند حد القراءة، بل يحول النصوص إلى تأمل صادر من أعماقه.. فتصير كلمات الكتاب المقدس كأنها صادرة منه كصلاة شخصية)
ثالثاً: الصوم (متى6 : 16-18):
ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكى يظهروا للناس صائمين الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فأدهن رأسك وأغسل وجهك. لكى لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذى فى الخفاء فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية”.
1-فى موضوع إدهن رأسك واغسل وجهك.. يقول القديس ساويرس الانطاكي:
(أن الله يشر إلى بريق الروح وطهارتها عن طريق الأعضاء
الرئيسية فى الجسم، فربنا نفسه يأمر أن نغتسل ونتطهر بإمتناعنا عن الشر.. ومن جهة أخرى إن نتزين ونضئ بممارستنا الخير الذى تنيره النعمة الروحية).
2- وقال القديس ثيوناس عن غاية الصوم:
(غاية الصوم هو نقاوة القلب أو معاينة الله كأب يتقبل حبنا.. لهذا يبذل عدو الخير جهده لكى يفسد هذا العمل خلال تسلل حب الظهور والرغبة فى مديح الناس الينا، فيجرف القلب بعيداً عن الله ويصير الصوم عملأ شكلياً بلا روح. إننا لا نصوم من أجل الصوم فى ذاته ولا لأجل الحرمان، إنما لأجل ضبط النفس وإنطلاق القلب إلى الحياة السماوية).
3- وقال القديس ماراسحق:
(كل جهاد ضد الخطية وشهواتها يجب أن يبتدئ بالصوم.. خصوصاً إذا كان الجهاد بسبب خطية داخلية).
4- وقال القديس باسيليوس الكبير:
(لقد نفينا من الفردوس الأول الأرضى لأننا لم نصم، فيجب أن نصوم لنرجع إلى الفردوس السمائى.. لأن الصوم يرد لنا الخسائر المتسببة عن عدم صوم آدم ويصالحنا مع الله).
5 – وقال القديس يوحنا ذهبى الفم:
(لا فائدة لنا من الصوم إن اجتزناه سدى بدون تأمل).
6-وأما القديس اوغسطينوس فيقول:
(أتريد أن تصعد صلاتك إلى السماء؟.. إذن فامنحها جناحين همـا الصوم والصدقة).
7-وقال القديس يوحنا الدرجي عن الصوم:
+ (الصوم تنقية للصلاة ونور للنفس ويقظـة للذهـن، وجـلاء لقساوة القلب وباب للخشوع وتنهد منسحق).
+ (الصوم خفة للنوم وعافية للجسـد، ووسـيط لله، وغفـران للخطايا، وباب للفردوس والنعيم).
+ (الصـوم تهدئـة للـثرثرة، وسبيل للسـكينة، وحـارس للطاعة).
8- قال القديس اغريغوريوس- رئيس متوحدى قبرص- عن الصوم:
(الكبير البطن أحلامه الردية تكدر قلبه، والذى ينقص مـن أكلـه يصير فى كل وقت منتبها. لأنه مثلما يظلم الجو من الضباب، كذلك يظلم العقل إذا امتلأت البطن من المأكولات).
9- وقال القديس يوحنا الأسيوطى (التبايسى) عن الصوم:
(صوم الجسد هو البعد عن المأكولات أما الصوم الروحانى فـهو أن يجوع الإنسان ويعطش للبر).